وحسن الخلق يعني التشبه بأخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان أعظم من تحلَّى بمكارم الأخلاق وتزكية النَّفس، قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).

ويبلغ المؤمن درجة عالية بحسن خلقه عند الله وعند الناس، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (وإنَّ صاحِبَ حُسنِ الخلُقِ ليَبلُغُ بهِ درَجةَ صاحِبِ الصَّومِ والصلاةِ)، فالخلق الحسن أعظم ما يُدخل صاحبه الجنَّة، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن أكثرِ ما يُدخِلُ الناسَ الجنةَ ؟ تقوى اللهِ وحسنُ الخُلقِ).

وحسن الخلق لا يعني الاتصاف بصفة معينة دون غيرها بل الحفاظ بوجه عام على الأخلاق الحميدة قدر الوسع والطاقة فإذا تحليت بالأخلاق الحسنة من الصدق، والحياء، والأمانة، والصبر، والحلم، وبذل المعروف، وكف الأذى، والنصيحة، والإحسان للناس، وغيرها من الأخلاق التي رغب فيها الشرع. وعاملت الناس بها، فأنت ممن خالق الناس بخلق حسن.

ولما كان حسن الخلق من الصفات الجميلة والأمور عظيمة القدر فقد وصى الرسول صلى الله عليه وسلم به الصحابة ومن هذا وصيته النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا لما بعثه إلى اليمن، فقال: "يا معاذ، اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".

ولحسن الخلق ثمرات كثيرة منها حب الله وحب الناس ورقة القلب والتوفيق في الدنيا والنجاة في الآخرة يدل على هذا لأحاديث كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانًا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادى جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. رواه البخاري مسلم. ولكن المحبة والقبول المذكور في هذا الحديث محله أهل الحق من أولياء الله وعباده الصالحين.

وينبغي للمسلم أن يعمل دائما على تحسين خلقه والاجتهاد في التشبه بالنبي والصحابة بمطالعة سيرتهم والوقوف على أخبارهم ومحاولة التأسي بهم وتغيير العادات السيئة، والأخلاق الرديئة، إن وجدت في المرء، فيمكنه بالاجتهاد، والمثابرة، والمصابرة أن يغيرها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب البغدادي، وحسنه الألباني. هذا مع تحري اختيار الرفقة الصالحة الناصحة التي تدل على الخير وتعين عليه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.