خُصوصيَّات الحياة الزوجية والحياتيَّة حصن مقدس يفضل إحاطته بأقصي درجات السرية باعتبار ان الوسيلة الأولي للحفاظ علي الكيان الأسري وليست مادة للتَّسلية أو التَّهكم أو اللمز، وإفشاؤها وتناقلها في الواقع أو على وسائل التواصل الاجتماعي سلوكٌ مُخالِف لتعاليم وقِيم الإسلام.
وبحسب منشور لمركز الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية فقد أوجب الإسلام على الزَّوجين حفظ أسرار بيتهما، حتى في حال وقوع خلاف بينهما؛ لكونه من أهم عوامل السّعادة الزّوجية، واحتواء الخلافات الأسرية، كما أنه من دلالات المروءة والاتصاف بالفضائل وكريم الشَّمائل.وبل حذَّر من التَّساهل في حِفظها، وحرَّم إفشاءها، وإتاحتها لجمهور النَّاس؛ هذا في جانب الزَّوجين.
بل أن الإسلام حاط هذه العلاقة بعناية خاصة وصانها صيانة قوية وحذر من كشف أسرارها أو الاستهانة بالتحدث فيها بل ووصف العلماء كشف أسرار العلاقة الخاصة بين الزوجين بأنه خيانة للأمانة وأكدوا حق الزوجة التي ينقل زوجها سر علاقتهما الحميمة للآخرين في طلب الطلاق للضرر، فالأسرة التي يقوم أحد الزوجين فيها بكشف ما يدور بينه وبين شريك حياته ولا يقدر حرمة هذه العلاقة وقدسيتها لن تستقر أبداً ولن يعيش الزوجان فيها في سعادة إلا أن يقلعا عن هذه العادة المرذولة .
الحفاظ علي أسرار الحياة الزوجية ليس حصرا فقط علي الزوجين بل هو مطلوب كذلك من الدَّوائر المُحيطة بهما من أقارب وأصدقاء ومُحبين وزملاء ومُتابعين، فنجد توجيه الإسلام لها مجموعًا في قول سيدنا رسول الله ﷺ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ". "أخرجه الترمذي"
الحديث الشريف يشير إلي أن من علامات حُسْن تمثُّل المُسلم لتعاليم دينه عدم خوضه فيما لا يعنيه؛ سيّما إذا ترتب على الخوض في حياة النَّاس وخُصوصيّاتهم إفساد بين زوجة وزوجها، وسيدنا رسول الله ﷺ يقول: «ليسَ منَّا من خَبَّبَ امرأةً علَى زوجِها». "أخرجه أبو داود"وومن ثم فشُهرة أحد الزوجين، أو خطئه في نشر خُصوصيَّاته وإتاحتها للنَّاس؛ لا يُبيح التَّدخُّل في شُئونه الخاصّة، أو لمزه، أو التَّهكم عليه، أو التَّربُّح الرَّخيص بهذه الخُصوصيَّات في الواقع الحقيقي، أو الاتجار فيها على صفحات مواقع التَّواصل الاجتماعي، وبين مرتاديها وموادها الرائجة.
لذا فتناقل أخبار النَّاس، والانشغال بها، وتضخيم مُشكلاتهم بالقِيل والقال والكذب والتَّحريف والمُبالغة؛ منافٍ لحقيقة الإيمان وكماله؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ من لِسانِهِ ويدِهِ» "متفق عليه"، ويقول ﷺ: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ». "مُتفق عليه"
ومن الثابت هنا التأكيد إنّ الإفساد بين الناس؛ سيّما الأزواج، وتتبع عوراتهم ذنب عظيم عند الله سبحانه؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «يا معشرَ من آمنَ بلسانِه ولم يدخلْ الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوراتِهم، فإنه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعُ اللهُ عورتَه، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَه يفضحُه في بيتِه». "أخرجه أبو داود"
كما أن المُسلم عليه أن ينشغل بمعالي الأمور ممَّا يعود عليه بالنَّفع فيه دينه ودُنياه، لا أن ينشغل بصغائرها، وما لا شأن له به؛ فعن سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما مرفوعًا أن سيدنا رسول الله ﷺ قال: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأمُورِ وأَشرَافَهَا، ويَكْرَهُ سَفْسَافَهَا". أخرجه الطبراني في الكبير.
اقرأ أيضا:
تعرف على آخر وقت التكبير في عيد الأضحىلذا فعلي الزوجين وليس أحدهما الوضع في الاعتبار أن أسرار العلاقة الزوجية أمر مقدس وينبغي كل طرف منهما أن يحفظ سر الآخر خصوصا أمور الفراش حتى إن وقعت بينهما مشكلات كثيرة وانتهت بالطلاق، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا صراحة حين سألته إحدى النساء قائلة: يا رسول الله إن المرأة تحكي لصديقاتها ما يحدث مع زوجها فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: إن الذي فعل ذلك مثله مثل شيطان أتى شيطانة على قارعة الطريقة والناس ينظرون إليه .وبل من تبعات إفشاء الحياة الزوجية قد تصل لحد إنهاء الحياة الزوجية بين رجل وامرأة وهو في المجمل ليس طلاقًا لأولادهما، وتربيتهم، ومسئولياتهم من جانب الأب أو الأم؛ بل إن رعاية الأولاد، وتربيتهم، والقيام على شئونهم -وإن وقع الانفصال- واجب وأمانة سيسألهما الله عنها يوم القيامة، قال سيدنا رسول الله ﷺ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.."