أخبار

حكم الرطوبة والبلل الخارج من الفرج والطهارة منها؟

مواعظ مبكية بين عمر بن عبد العزيز والخليفة سليمان

داوم على طرق باب الله يوشك أن يفتح لك

أذكار وتسابيح كان يداوم عليها النبي كل صباح

هل تبحث عن السعادة.. حاول أن تكتشف نفسك وابدأ بهذه الحقائق

ماذا تعرف عن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين؟

لماذا البعض يخاف أن يموت قبل أن يكمل النطق بالشهادة؟ (الشعراوي يجيب)

ابني بطيء في الكتابة مع أنه ذكي وسريع الاستيعاب.. ما الحل؟

كل ما يقربك من القرآن.. دعاء الحفظ وأسهل الطرق للوصول

حينما تأتيك المصائب فجأة وتشتد عليك الدنيا.. اقرأ هذه القصة

ماذا فعل عمرو بن العاص مع أهل مصر بعد الفتح الإسلامي؟

بقلم | محمد جمال | الاحد 26 ديسمبر 2021 - 06:05 م
بعدما تناولنا فى حلقات سابقة ما رواه المؤرخ الكبير الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية فى سيرة البطل والقائد الإسلامي عمرو بن العاص فى فتح مصر وما واجهه من عقبات استطاع بفضل ما آتاه الله من ذكاء وفطنة أن يتغلب عليها.. يستكمل المؤرخ الكبير إظهار جانب مضيء من سيرة الفاتح بعدما تم له الفتح...

يقول  د. عبد الحليم عويس بعدما فتح عمرو بن العاص حصن بابليون أخذ في تنظيم أمور المجتمع الجديد ، ووجّه عدداً من أصحابه إلى بقية مصر ليفتحوها ، فذهب عبد الله بن حذافة إلى "عين شمس" فغلب على أرضها ، ووجه "خارجة بن حذافة العدوي" إلى "الفيوم" ، و"الأشمونين" و "أخميم" و "البشرودات" و "قرى الصعيد" فصالحهم أيضاً على مثل صلح "الفسطاط" ، كما وجه "عمير بن وهب الجمحي" إلى "تنيس" و "دمياط" و "تونة" و "دميرة" و "شطا" و "دقهلة" و "نبا" و "بوصير" فصالحها على مثل صلح الفسطاط أيضاً ، ووجه "عقبة بن عامر الجهني" ـ ويقال "وردان" مولاه ـ إلى سائر قرى أسفل الأرض "الوجه البحري" ففعل مثل ذلك . وبذلك استجمع "عمرو" فتح مصر ، فصارت أرضها أرض خراج .

فتح الإسكندرية:
ويضيف: أما عمرو بن العاص ، فقد اختار لنفسه الاتجاه لفتح الإسكندرية بعد أن أرسل البشرى للخليفة بفتح حصن بابليون ، واستأذنه في فتح الإسكندرية [ويلاحظ أن عمراً يبشر عمر بن الخطاب بفتح حصن بابليون ، ويستأذنه في فتح الإسكندرية ، فهل يُعقل ـ إذن ـ ألا يستأذنه في فتح مصر كلها؟!!]، واستخلف عمرو على مصر "خارجة بن حذافة العدوي" ، فتابع المسلمون بقيادة عمرو تقدُّمهم ، وكان القائد الروماني "تيودور" قد أخذ الحيطة ، واستعد للمقاومة على طول الطريق ، بل إنّ "هرقل" نفسه كان يُزمع الخروج للدفاع عن الإسكندرية ، حيث أدرك أنها لا بد أن تكون المرحلة التالية للمسلمين ، لكن الموت عاجله في فبراير سنة 641م ، ومع ذلك فقد كان في الإسكندرية حامية قوية لا تقل عن خمسين ألف جندي ، وهناك بعض المصادر تقول إن عددها أكثر من مائة ألف جندي ، في حين لم يكن عدد الجيش الإسلامي يزيد عن
(12000 مقاتل) ، وقد استمرت الحرب نحو أربعة أشهر ، اضطر خلالها عمر لترك القيادة لعبادة بن الصامت ، الذي تمكن من اقتحام الإسكندرية وفتحها عنوة ، ولكن عمرو بن العاص عامل المصريين جميعاً معاملة مَنْ فُتحت بلادهم صلحاً (كما يقول البلاذري).
ـ وهو موقف إنساني يجب أن يحسب لعمرو وللمسلمين .

شروط صلح عمرو بن العاص لأهل مصر:
ـ وقد أورد ابن جرير الطبري شروط الصلح ، وعهد الأمان الذي أعطاه عمرو بن العاص لأهل مصر ، وهي شروط دالة على التسامح والعدالة والإنسانية أيضاً ... ومما جاء فيه :
"بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم ، وملتهم ، وأموالهم ، وكنائسهم ، وصلبهم ، وبرهم ، وبحرهم ، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص ، ولا تساكنهم النوبة ، وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على الصلح وانتهت زيادة نهرهم: خمسين ألف ألف، وعليهم ما جنى لصوتهم (لصوصهم) فإن أبى أحدٌ منهم أن يجيب رُفع عنهم من الجزية بقدرهم وذمتنا ممن أبى بريئة . وإن نقص نهرهم من غايته إذا انتهى رفع عنهم بقدر ذلك ، ومن دخل في صلحهم من الروم والنوبة فله مثل ما لهم ، وعليه مثل ما عليهم ، ومن أبى منهم واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه أو يخرج من سلطاننا. عليهم ما عليهم أثلاثاً من كل ثلث جباية ثلث ما عليهم . على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله ، وذمة الخليفة أمير المؤمنين وذمم المؤمنين ، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأساً ، وكذا وكذا فرساً ، على ألا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة.

إنسانيات الصلح:

وقد قدَّم لنا التاريخ لمحات إنسانية لا يجوز لنا أن نغيرها ، وهي تؤكد لنا كيف كانت صورة المسلمين مشوّهة بتأثير الدعاية الرومانية عند بعض الأقباط أو أكثرهم ، فعندما حاصر المسلمون بلبيس كان بها (أرومانوسة بنت المقوقس) حاكم مصر ، ويروي التاريخ أن المقوقس عندما علم بأن ابنته محاصرة في بلبيس أخذ منه القلق كل مأخذ ؛ لعدم معرفته بأخلاق المسلمين مع النساء ، ومع غير المحاربين عامة ، لدرجة أنه أظهر ميلاً للاتصال بالمسلمين ، وعقد صلحاً معهم ، ولكن بطارقته وكبار قادته قاوموه ووثبوا عليه يريدون قتله ، فرجع عن رأيه وأمر بالكتابة إلى ابنته كتاباً يأمرها فيه أن تتلطف بالقوم "المسلمين".
ولا يفوتنا أن نذكر هنا ما أشار إليه الأديب الإسلامي العظيم "مصطفى صادق الرافعي" (ولا نعتقد أنه بعيد عن التاريخ الواقعي) من أن "مارية" – وصيفة بنت المقوقس أرومانوسة – نقلت لسيدتها أرومانوسة صورة مشوّهة عن المسلمين ...
ويروي "الرافعي" أنها قالت في ذلك شعراً تهجو فيه جيش المسلمين ، وتُظهر فيه همومها وأحزانها ومخاوفها ، ويقول الرافعي أيضاً : إن أرمانوسة بنت المقوقس قد ردّت عليها هواجسها وفنّدت أقوالها ، وقالت لها ضاحكة : "أنت واهية يا مارية ! لقد أخبرني أبي أن هؤلاء المسلمين هم العقل الجديد الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق والباطل ، وأن نبيهم أطهر من السحابة في سمائها ، وأنهم جميعاً ينبعثون من حدود دينهم وفضائله ، لا من حدود أنفسهم وشهواتهم ، وإذا سلُّوا السيف سلُّوه بقانون ، وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون" .
وقالت لها "أرمانسة" أيضاً : "لقد أخبرني أبي أن هذا الدين سيندفع بأخلاقه في العالم اندفاع العصارة الحية في الشجرة الجرداء : طبيعة تعمل في طبيعة ، فليس يمضى غير بعيد حتى تخْضَرَّ الدنيا وترمي ظلالها ، وهو بذلك فوق السياسات التي تشبه في عملها الظاهر الملفّق ما يعدّ كطلاء الشجرة الميتة الجرداء بلون أخضر ... شتَّان بين عمل وعمل ، وإن كان لون يشبه لوناً .
وهكذا كانت أرمانوسة بنت المقوقس شاهد عدل، وراوي صدق على ما وقع من أحداث.. وهكذا نسدل الستار أمام حدث من أهم الأحداث هو فتح مصر، وأمام شخصية مميزة هى شخصية البطل والقائد الإسلامي عمرو بن العاص رضي الله عنه.

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled بعدما تناولنا فى حلقات سابقة ما رواه المؤرخ الكبير الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية فى سيرة البطل والقائد الإسلامي عمرو بن ال