ليس كل من يقرأ ينتفع بالقراءة فهناك من يقرأ ولا يفهم بطريقة سليمة وهناك من يقرأ ويفهم عكس المطلوب .. وهذا بالطبع لا يعني وجود من يفهمون بطريقة سليمة فيستفيدون ويفيدون.
وفى رده عن سؤال كان قد ارسل له بين د. أسامة شفيع الأستاذ الراحل بكلية دار العلوم جامعة القاهرة كيف تكون القراءة نافعة.
يقول د." شفيع" مجيبا عن سؤال ارسل له يستفسر فيه السائل عن الطريقة المثلى للاستفادة من قراءة الكتاب ، وتحصيل أكبر قدر من الفائدة الدائمة لأطول مدة؟ فكان هذا جوابه رحمه الله : السؤال واحد ، و الأجوبة بعدد أنفاس الخلائق!

وأضاف: فدليس الناس سواء في الحذق ، و جودة الحفظ ، و تيقظ الملكة في زمان المطالعة حتى يُفتوْا بفتوى واحدة!
- و ليست الأزمنة واحدة فيما يكون فيها من صفاء الذهن ، و رخاوة البال ، و عزوب الهموم.
- و ليست الكتب نمطا واحدا حتى نحذوَ بها حذوًا واحدا لا نعدوه!
فبعضها غثاء إن استمكثته في نفسك أنزلته غير منزلته ، و بعضها يُقرأ مرة ثم ينسى ، و بعضها يطالع في الزمان بعد الزمان ، و بعضها مقره إنسان العين أو سويداء الجنان!
- و ليس العلم الذي تطالع فيه أولَ كتاب ، كالعلم الذي حنكتك فيه الدربة ، و لاطه بقلبك الإلف و طول العهد!
- و ليس العلم الذي فاتِحَتُهُ عندك التلقين ُ والأخذ عن الشيوخ ، كالعلم الذي تبنيه على الاستقلال و تجريد النظر!
وأوضح أن هذه و أشباهها تفاصيل لا تحسن الغفلة عنها ، فإن كنت تريد جوابا عاما لسؤالك ، فبوسعك الإفادة من نصائح كبار الكتاب ، من نحو :
- كتاب تقرأه ثلاث مرات خير من ثلاثة كتب ، تقرأ كلا منها مرة واحدة!
- لخص كل كتاب تقرأه!
- استصحب قلمك في القراءة ، و لا تدع شيئا تستحسنه دون أن تسمه بما يدل عليه!
- اجعل لنفسك "كشكولا" لصيد الأوابد ، و قيد الشوارد.
- لا تلزم كاتبا بعينه ؛ و إلا طواك فيه و أنت لا تدري ، و لقد قيل : إنك لن تعرف عيب شيخك حتى تجالس غيره!
- لا تقتصر في الموضوع الواحد على كتاب واحد ، بل عليك بطريقة "الحٌزم المعرفية"، و هي أن تطالع في الموضوع الواحد طائفة من الكتب!
- اقطع القراءة إذا اعتراك الملال ، إلا أن يكثر ذلك عليك ، فلا تسلم له زمامك ، بل فتش عن سببه.
- البال المشغول كالقيعان من الأرض : لا تمسك ماء ، و لا تنبت كلأ!
- خير أماكن القراءة الخلوات ، و خير أزمنتها عقيب نوم هانئ!
- إذا كنت تعرف لغة أخرى ، فاقرأ بها ، و لو في الحين بعد الحين ؛ فإن صاحب العينين يعاب إذا سار سيرة الأعور!
- و الخاتمة التي ما أخرت إلا لجلالتها : تصحيح النية!