مرحبًا بك يا عزيزتي..
طفل واثنان وخمسة = قبول للحياة والعلاقة الزوجية، فهل تعني كل مرة قررت فيها أن تصبحين أمًا لعدد أكبر من الأطفال ينتسبون لهذا الزوج، كراهيتك ورفضك له؟!
الإجابة البديهية، والمنطقية هي : لا. بل العكس هو الصحيح.
إن معنى انجابك واستمرارك يا عزيزتي يعني أنك موافقة، ولديك قبول لهذا الزوج الذي تغيرت شخصيته بحسب كلامك والحياة معه، ولكن طريقة تفكيرك تجاهه ومن ثم مشاعرك الحالية توحي بعكس هذا تمامًا.
لابد أولًا إذا من قبول "حقيقي" لزوجك وشخصيته التي تغيرت يا عزيزتي، فهذا مفتاح الحل، وتغيره هذا ناتج عن أسباب، ربما هي الضغوط الاقتصادية مثلًا، وهذا أقرب التفسيرات، وأكثرها منطقية فهو يعول أسرة مكونة من 6 أفراد.
والحل هو معرفة الأسباب أو السبب، وتفهمه، وقبوله، وإشعاره بالتقدير لأنه عملي ويقوم على رعاية الأسرة ماديًا، وعندها سيشعر بطمأنينة وأمان عظيم وثقة فيعطي على الصعيد العاطفي، ويبادلك الاهتمام، لابد أن يشعر بالقبول الحقيقي أولًا حتى يمنحه.
مهمتك، ضرورية، ولا غنى عنها أبدًا، وصعبة، لكنها ليست مستحيلة أبدًا.
لابد أن تدركي هذا حتى يمكنك الصبر، والتزام النفس الطويل، والهدوء، والحكمة، والذكاء في التعامل، للحصول على النتيجة المأمولة.
والسؤال الآن هو كيف تقبلين زوجك وتتحملين ما ترينه عيوبًا، ومشكلات؟، والإجابة هي أن تستحضري دائمًا مميزاته، وما تحبينه فيه، وهي بالتأكيد ليست قليلة، بدليل استمرارك في العلاقة، وقبولك بها منذ البداية، والمطلوب أن تنظري إلى هذه المميزات بالعدسة المكبرة نفسها التي كنت تنظرين له من خلالها أيام الخطوبة، وقصة الحب، وتدركين أنها باقية-أي قصة الحب- ولكن بشكل مختلف.
وثانيًا، تتعلمين عن هذا التغيير في الشخصية والتعامل الصحيح معه، وبشكل عام امنحي الحب والقبول غير المشروط، وامتنعي تمامًا عن النقد والعتاب والاتهام، فهذه كلها أمور تنفر في العلاقة وتغلق مسارات أي حوار من أي نوع!
أظهري الاحترام بمشورته دائمًا في أمور البيت والأولاد، وأظهري التقدير لما يقوم به من تلبية احتياجاتكم المادية والمعنوية، وحدثيه عن مشاعرك تجاهه، حبك، وحب الأولاد له، وحدثيه أيضًا عن مميزاته وخصاله التي تعجبك فيه، بهذا كله يا عزيزتي ستحتوي زوجك.
هذا الاحتواء والقرب الصادق سيصل، إنه "الساحر" الذي سيفرش لك الأرض ورودًا وسيكسر حواجز الوهم وقلة الوعي بينك وبين زوجك، وستتطور العلاقة، وتتحسن، وتحصلين على المراد.
عزيزتي..
الرفض، والانعزال، والاتهامات، واطلاق الأحكام، وسوء الظن، والانغلاق على الذات، والاهمال، والتجاهل، هذه كلها طريقة تفكير وسلوكيات تزيد الطين بلة، تهدم العلاقة وتشوه الذات.
هذا هو دورك، في بذل الجهد، والمبادرة لاصلاح العلاقة يا عزيزتي، وهناك دور آخر خاص مع نفسك، بالكف عن التفكير في الزوج والعلاقة الزوجية على أنها محور الكون، فعن طريقها يتم الاشباع العاطفي وفقط، وهي شغلك الشاغل، فطريقة التفكير هذه ليست صحية.
الزوج، والعلاقة معه، "جزء" من الحياة وليست كل الحياة، فهناك أدوار كثيرة لك، اهتمي واستمتعي بها، وهناك دوائر كثيرة ومتعددة في الحياة، اقتحميها، وتوسعي فيها قدر المستطاع، والتوازن بين هذا كله هو ما سيمنحك الاتزان النفسي، والاشباع العاطفي، والتحقق في الحياة.
ارفقي بنفسك، واعتن بها، حتى يمكنك منح الرعاية والعناية لزوجك وأولادك.
وأخيرًا، تذكري دائمًا يا عزيزتي أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، "أنفسهم" وليس غيرهم، فالتغيير هو ما نفعله بأنفسنا لأنفسنا، فنقبل، ونفهم، وندرك، ونتعلم، ونرفع مستوى الوعي لدينا، وبذا ننضج ونتغير إيجابيًا.
التغيير قرار، والإصلاح قرار، والسعادة قرار، فهيا قرري يا عزيزتي، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.