للأسف بات البعض الآن، يتصور أن العمل له أهداف وغايات غير التي يعرفها الناس، فتراه يشيع بين الناس أن الهدف من العمل هو الإطاحة بكل من حوله ليصل هو، أو استخدام كل الألاعيب الممكنة ليكسب هو، أو التلاعب بمقادير الناس ليفوز هو.. ثم تراه مبتسمًا، وكأنه حقق ما لا يمكن تحقيقه على الإطلاق، بينما هو لا يدري القيمة الحقيقية للعمل، إذ أنه لا مجال فيه للغش، أو الحقد، أو أذى الناس.. بينما العمل هدفه الحصول على الرزق والبركة بالعمل.

قال تعالى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» (الملك 15)، كما يهدف إلى دخول الجنة وليس لأذى الناس كما يتصور البعض، فضلاً عن أن تحقيق النجاح والتقدم لا يكون إلا بالعمل، ولكن ليس على حساب الآخرين. لذلك فإن القرآن يؤكد قيمة العمل في قوله تعالى: «لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَآ أَمَانِىِّ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوٓءًا يُجْزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدْ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا».

عمل الخير

كيف تتصور أن النجاح في العمل يعطيك الحق في أذى الناس، أو الرشوة، أو الغش، أو الخروج عن المألوف، لمجرد أن تنجح أنت، فتعمل على إفشال غيرك.. بينما الحقيقة غير ذلك تمامًا، قال تعالى: «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ»، إذن اعمل الخير تجده في نجاحك وحياتك، وبالتالي في آخرتك.. بينما تفعل العكس، تجده يحاصرك في حياتك وآخرتك.. والأمر إليك.

أيضًا لا يشترط الاحتياج للقيام بعمل، فالغني مُطالَب بالعمل مثل الفقير تمامًا، وقد ظهرت شمولية مفهوم العمل في القرآن والسنة "فهناك عمل باليد، وآخر بالفكر، وبالفرد، وبالمجموع، وبالأسرة والمجتمع، وبالتربية، وبالإدارة....".. وما ذلك إلا لأن العمارة في الأرض لا تتحقق إلا بالعمل، لكن العمل الذي يرضي الله ورسوله، وليس العمل الذي يرضي صاحبه ويؤذي غيره.. لذلك فإن خدمة المرأة لبيتها وقيامها بالتربية فإنها بذلك تؤدي أعظم عمل في الوجود، كما أن العمل لا يكون في المكاتب والوظيفة الرسمية فقط؛ فالفلاحة والزراعة والصنائع والتجارة .... كلها صور للعمل الطيب، التي يرضاها الله ورسوله.

اقرأ أيضا:

تشهد لله بالوحدانية.. هذه بشرى النبي لخروجك من القبر

مساعدة المحتاج

في المقابل، لا يجوز إعطاء القادر على العمل أي مساعدة، لأن في ذلك تشجيعًا على البطالة والاتكالية، فضلاً عن حرمان الأشد احتياجًا من الناس، فهؤلاء أنبياء الله تعالى وهم أعظم الخلق، إلا أنهم عملوا واجتهدوا، وعلموا أتباعهم الجدية والبذل والاجتهاد العملي في نواحي الحياة المختلفة، فهذا نبي الله يوسف عليه السلام يعمل بإدارة الغذاء في مصر.

وهذا نبي الله موسى عليه السلام يعمل أجيرًا لخدمة رجل صالح في مدين، وقبله نبي الله داوود عليه السلام وعمله بالحدادة، وسيد الناس محمد صلى الله عليه وسلم عمل بالرعي والتجارة.. إذن العمل شرف المؤمن، فليحذر كل مسلم من أن يكون عمله عليه وليس له أمام الله عز وجل.