محاضرة عن "تحولات الغناء المصري وقضاياه" للدكتور حسن علي.. في "صالون عبد الحميد إبراهيم"
بقلم |
فريق التحرير |
الجمعة 21 يناير 2022 - 11:33 م
ناقش صالون الدكتور عبد الحميد إبراهيم، في فعاليته الخامسة، المشهد الغنائي المصري وتحولاته، بمحاضرة لعميد الإعلاميين الدكتور حسن علي، أستاذ الإذاعة والتليفزيون، وعميد الإعلام السابق بجامعتي بني سويف والسويس. وقال أستاذ الإذاعة والتليفزيون: المشهد الغنائي المصري حافل وغزير ومليء بالغث والسمين، ومترع بالبهجة والأحزان، والاقتراب منه يبدو سهلاً ميسورًا، فإذا اقتربت تحيرت من أين تبدأ هذه القراءة؛ أمن التحولات التاريخية الكبري، أم من القضايا التي طرحها الغناء وشارك فيها كما في لحظات الانتصار والانكسار، أم من مطربين وملحنين وموسيقيين كان لهم الفضل في هذه التحولات التي انتشلت فن الغناء من وهدة سحيقة، أم من المثلث المعروف: الكلمات، اللحن، المطرب. ولفت "حسن علي" إلى ما بات يُعرف بظاهرة "أغاني المهرجانات" وما ارتبط بها من تسفل وتدنٍ، على حد وصفه، وما صاحَبَها من انتشار واسع لأغانيها، لدرجة تجعل التساؤل مشروعًا: هل حققت أم كلثوم وهي من هي مثل هذا الذيوع والانتشار؟! وهل تطلّع عبد الحليم حافظ إلى عُشر هذا الانتشار الذي ساعدت عليه التطورات التقنية؟! فأغنية واحدة من أغاني المهرجانات حققت في 5ساعات فقط 9ملايين مشاهدة! وأشار عميد الإعلاميين إلى أنه، ومع الجدل الديني حول الغناء، فقد ساهم مشايخ وعلماء الأزهر في تطوير فن الغناء، حتي إن بعضهم لم يكتفِ بتأليف الأغنيات بل قام بالغناء واشتهر كمطرب يشار إليه بالبنان، وأحد الائمة الكبار وهو الشيخ حسن العطار كان يعزف على العود وله إسهامات في التلحين. وأوضح "حسن علي" أن هناك تحولات تاريخية كبرى ألقت بظلال كثيفة علي الفنون عامة والغناء خاصة، ومن هذه التحولات الكبري القاسية التي أطاحت بفن الغناء قرونًا: سقوط بغداد وتدمير مكتبتها العظيمة على يد هولاكو سنة 1258، وسقوط غرناطة آخر معاقل العرب في الأندلس سنة 1492، ووقوع مصر تحت قبضة العثمانيين سنة 1517م. وأضاف: هذه الضربات الثلاث القاصمات أدت، كما يقول المؤرخ الكبير كمال النجمي، إلى تكوين مستنقع ألحان البدائية غرقت فيها الموسيقى والغناء في مصر لمدة طويلة من الزمن. ويؤكد ذلك موسوعة "وصف مصر" التي وضعها العلماء الفرنسيون ، وقد ورد في الأجزاء المخصصة منها للموسيقى في مصر (الثامن والتاسع) تقرير هام عن حالة الغناء المصري المتدهورة في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. وتوقف الدكتور حسن علي في محاضرته أمام خمس محطات كان لها بصمات واضحة في تطوير الغناء المصري والارتقاء به؛ وهي محطة سيد درويش، المحرَّر من التخت التركي وصاحب البدايات المصرية، والقاعدة الصلبة التي قامت عليها المدرسة الموسيقية المصرية.. ومحطة رياض السنباطي المطوِّر والمحافظ على التراث.. ومحطة محمد عبد الوهاب صاحب تطور الجمل اللحنية والاقتباس والانفتاح علي الموسيقي الغربية.. ومحطة أم كلثوم التي شكلت محظة مهمة في الغناء المصري والعربي، لاسيما بـ"الأطلال".. وصولاً إلى محطة محمود الشريف ومحمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي. وأضاف عن هذه المحطة الأخيرة: وُلد هؤلاء الكبار في فترات من القرن العشرين تبعد عن بداية القرن، وبذلك كان تأثير مدرسة القرن التاسع عشر عليهم أقل من تأثير عمالقة القرن العشرين، خاصة القصبجي ومحمد عبدالوهاب والسنباطي وسيد درويش. من ناحيته، أوضح د. حسام الزمبيلي، رئيس الصالون، أن الجدل حول الغناء هو جزء من الجدل حول ما يُعرف بالأصالة والمعاصرة، الذي له ساحات عديدة من الأدب والفكر والسياسة حتى الموسيقى والغناء. وأضاف: الفنون بصفة عامة مسرح كبير، ولها جانب مشرق يسمو بالنفس الإنسانية، وجانب مظلم يجذب النفس للحضيض. والموسيقى شأنها شأن الإنترنت؛ تكون مفيدة إذا كانت استراحةً للنفس، وضارة إذا شجعت المرءَ على الهوى. وفي كلمته، أشار د. محمد صالحين، الأمين العام للصالون، وأستاذ الفكر الإسلامي بكلية دار العلوم بجامعة المنيا، إلى أن الخلاف الفقهي حول الغناء ليس جديدًا، وسيبقى خلافًا مفيدًا وليس ضارًّا؛ لأنه يجعلنا نُطلّ على مبررات من قالوا بالحرمة ومن قالوا بالجواز؛ فربما من قالوا بالحرمة ذهبوا إلى ذلك مراعاةً للكلمات، أو للأجواء المصاحبة للأداء. وتابع: المغالاة في أحد الموقفين من الغناء ليست صوابًا، وكلُّ أمر له شروط ومواصفات إذا توافرت صرفنا الأمر للحل، وإذا انتفت قلنا بالحرمة. وبشَّر الأمين العام للصالون بأن المحاضرة القادمة، في الجمعة الأخيرة من شهر فبراير، ستكون عن الآثار الإسلامية للأكاديمي البارز الدكتور محمود مسعود إبراهيم، أستاذ الآثار بكلية الآداب بجامعة المنيا.