لاشك أن كل منا يخشى ظلمة القبر، ولذلك يتمنى لو أن القبر امتلأ نورًا، لكن للأسف قد يجهل الكثيرون كيفية تحقيق ذلك، فالقبر أول منزل من منازل الآخرة وكلنا داخله، وفي ذلك يقول الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد أشد»، ولذلك فقد كان الربيع بن خيثم قد حفر في داره قبرًا فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فأضطجع ثم يصيح ويصرخ (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) ثم يرد على نفسه: ( يا ربيع قد رجعت فاعمل )، فكيف بنا ننجي أنفسنا من ظلمة القبر.

الحفاظ على الصلاة

أولى الأمور التي تنير قبرك، هي الصلاة، فقد روى الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله خلق خلقَه في ظلمةٍ، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومَن أخطأه ضل»، إذن من يهتدي للصلاة، هداه الله عز وجل إلى نوري الدنيا والآخرة، وكان له نصيب من هذا النور في قبره بإذن الله لاشك

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بشِّر المشائين في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة»، فالسائر إلى المسجد، كأنه يضرب طريقًا من نور إلى قبره، كأنه يعلم تمامًا كيفية طريقة توصيل الكهرباء، فعلم أنها من باب الصلاة فالتزم، ومن ثم لا يمكن أن يضيع الله عز وجل مجهوده أبدًا، يقول المولى جل وعلا: « نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ » (النور: 35، 36).

اقرأ أيضا:

تسييس خلافات الصحابة والجرأة عليهم..هذه هي خطورتها

ليلك لقبرك

أيضًا في ظلمة الليل، قم وقف بين يدي الله عز وجل، لعل الله عز وجل يردها لك نورًا في قبرك، فعن أبو الدرداء رضي الله عنه، أنه قال: «صلوا ركعتين في ظُلَم الليلِ لِظلمة القبور»، وهو يشير إلى نور تقذفه هاتان الركعتان في ظلمات الليل، ثم يجلس ينتظر الصلاة والملائكة من حوله تستغفر له طول انتظاره وهم مخلوقات من نور.

عن أبي سعيد الخدري عن أسيد بن الحضير قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرسُ، فسكتَ فسكتَت، فقرأ فجالت الفرس، فسكتَ وسكتَت الفرسُ، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف وكان ابنه يحيى قريبًا منها، فأشفَق أن تُصيبَه، فلما اجترَّه رفع رأسه إلى السماء، فإذا مثل الظُّلة فيها أمثال المصابيح، فلما أصبح حدَّث النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((اقرأ يا بن حضير))، قال: أشفقتَ يا رسول الله أن تطأَ يحيى وكان منها قريبًا، فانصرفتُ إليه، ورفعتُ رأسي إلى السماء، فإذا مثلُ الظُّلة فيها أمثال المصابيح، فخرجتُ حتى لا أراها، قال: ((وتدري ما ذاك؟))، قال: لا، قال: ((تلك الملائكة دنَت لصوتك، ولو قرأتَ لأصبحتْ ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم.