يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم في قصة نبي الله يوسف عليه السلام حكاية عن أخوته: «۞ قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ» (يوسف 77)، فلماذا قال أخوة يوسف بأن أخيهم (سرق من قبل)؟.
إذ أن يوسف عليه السلام، حينما أتى إليه أخوته ليحصلوا على المؤن من مصر، وقد أصبح المسئول عن توزيع الغلال، فلما رأى أخيه (بنيامين) قرر إبقاءه معه في مصر، وعدم عودته إلى أبيه مع أخوته، لغاية في نفسه، فتم وضع (صُوَاعَ الْمَلِكِ) في رحل أخيه، حتى يستطيع تنفيذ غايته، ثم طلب بالبحث في جميع الأمتعة، حتى تبينوا أنها موجودة في رحل أخيه، فأبقاه، وهنا كان رد فعل أخوته بأنهم قالوا (لقد سرق أخ له من قبل)، فما هي هذه المرة التي كانت من قبل؟.
أصل القصة
فالأمر له قصة وقعت بينما كان لا يزال يوسف صغيرًا لا يعي حقائق الأمور، ورغم أن أخوته يعلمون يقينًا بأن أخيهم بريء تمامًا، إلا انهم مازالوا يرددونها بعد سنوات طوال جدًا، وهو ما حاق في نفس يوسف، إلا أنه كتم حزنه بداخله.
إذ يروى أنه لما ماتت أم يوسف عليه السلام وكانت تدعى (رحيل)، سلمه أبوه نبي الله يعقوب إلى عمته لتتولى تربيته، فلم يحب أحد شيئًا من الأشياء حبها إياه، حتى إذا ترعرع وبلغ سنوات، ووقعت نفس يعقوب عليه، أتاها فقال، يا أختاه سلمي إليّ يوسف، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة ! قالت: فوالله ما أنا بتاركته، والله ما أقدر أن يغيب عني ساعة، قال: فوالله ما أنا بتاركه، قالت: فدعه عندي أيامًا أنظر إليه وأسكن عنه، لعل ذلك يسليني عنه، أو كما قالت، فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى بعض من ميراث نبي الله إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه، ثم قالت: لقد فقدت منطقة إسحاق، فانظروا من أخذها ومن أصابها؟ فالتمست، ثم قالت: كشفوا أهل البيت، فكشفوهم، فوجدوها مع يوسف، فقالت: والله إنه لي لسلم، أصنع فيه ما شئت، قال: وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر، فقال لها: أنت وذاك إن كان فعل ذلك، فهو سلم لك، ما أستطيع غير ذلك، فأمسكته فما قدر عليه حتى ماتت، قال: فهو الذي يقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل).
اقرأ أيضا:
كانوا على دين أبينا إسماعيل.. ودعا لهم النبي بالرحمةالعبرة من قصة يوسف
عبرات قصة نبي الله يوسف عليه السلام، عديدة وعظيمة، ومن أهم هذه العبر، أن نبي الله يوسف عليه السلام، رغم كل ما ألم به من أخوته، من عذاب وتشريد، إذ ألقوه في اليم، ثم هاهم بعد سنوات طوال يتهمونه بما ليس فيه، إلا أنه رغم كل ذلك مازال يحبهم، ومازال قلبه يتهافت عليهم، فهكذا قلوب المخلصين لله، لا تحمل أبدًا أي حقد أو حسد أو كره أو غضب، وإنما يسلمون أمرهم كله لله عز وجل.