إياك أن تحمل همومك.. بل امش بها، وتوكل على الله، فإن الله رافعها عنك يومًا ما، وقديمًا قالوا: «من حمل همومه تأخر.. ومن مشى على همومه تقدَّم»، أي أن الهموم من الممكن أن تكون دافعًا لك للتقدم والنجاح، فقط إذا اعتبرتها عامل مساعد، ولم تعتبرها حمل ثقيل، وتكاسلت عن التعامل معها، فإنها ستغلبك بالتأكيد.
لكن إذا تغلبت عليها بالتوكل على الله، فإنها لن تهزمك أبدًا، لأن الهم لا يأتي إلا بالإعراض عن طريق الله عز وجل، يقول الله تعالى: « وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى » (طه: 124)، أي من خالف أمر الله عز وجل، وما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم فأعرض عنه وتناساه، وأخذ من غيره هُداه، فإن له معيشة ضنكًا في الدنيا.
النجاح رغم الهم
فهل يستطيع المؤمن أن ينجح رغم همومه؟.. الإجابة (نعم)، لأن المؤمن بالله تعالى المتعلق قلبه بالله دون سواه، المتابع لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، المنقاد لأحكامه، فإن الله تعالى يحييه حياة طيبة تشمل جميع وجوه الراحة والاطمئنان والسعادة، وانشراح البال وسكون النفس.
يقول تعالى: « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (النحل: 97)، وما ذلك إلا لأن كل شيءٍ قضاء وقدر، والمؤمن يوكل كامل أموره إلى الله تعالى، ويرضى بما قضى الله تعالى، لأن أمره كله خير، إن إصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرانشراح الصدر
النجاح يعني انشراح الصدر، وهذا الأمر لن يأتي إلا بالرضا بكل ما يقدره الله عز وجل عليك، وبالتالي فإن ضيق الصدر عن الإيمان والعلم والطاعات، وانغماسه في المحرمات من الشبهات والشهوات، وامتناعه من المبادرة إلى الخيرات والصالحات، دليل على البعد عن الله تعالى، وسبب للهلاك والموبقات.
قال تعالى: « فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ » (الأنعام: 125)، بينما المؤمن ممكن بالهم أن يرفع درجاته، ويكتب عند الله من الراضين.
وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ شيءٍ يُصيبُ المؤمنَ مِن نَصَبٍ، ولا حزنٍ ولا وَصَبٍ، حتى الهم يُهَمُّهُ، إلا يُكفِّرُ اللهُ بهِ عنه من سَيئاتِهِ».