يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، ومن هذه الأسماء (الغافر والغفار والغفور).
وقد أكثر الله تعالى من هذه التفعيلات والاشتقاقات ليطمئن عباده، فالغافر لبيان أصل المغفرة وأن الله هو من يغفر الذنوب، والغفار لتكرار الذنوب، والغفور الذي يغفر الذنوب الكبيرة الجسيمة التي تستعظم الأذهان فهم أن يكون عليها مسامحة، ومن ثم فإن مغفرة الله سبحانه تتضمن محو السيئة، وتتضمن الستر على العبد، ومن مرادفات اسم الغفور، "غافر الذنب"، وقد جاء في موضع واحد في قوله سبحانه: « غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ » (غافر: 3).
تأكيد قرآني
القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل الذي أنزله على قلب نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فإن كل ما به إنما هو تأكيد لا شك فيه على الإطلاق، ويتضمن هذا القرآن العظيم لفظ الغفور والغفار والغافر، وكأنه سبحانه وتعالى يريد التأكيد على أنه سيغفر كل الذنوب مهما كانت، فقط على المسلم أن يلجأ إليه، ويستغفره، وهو لن يرده خائبًا أبدًا.
فمن مرادفات الغفور، اسم "الغفار"، وقد جاء في خمسة مواضع في القرآن، منها: قوله تعالى: « وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى » (طه: 82)، أما اسم الغفور فقد ورد كثيرًا في القرآن؛ فقد جاء في واحد وتسعين موضعاً، اقترن في اثنين وسبعين منها باسم الرحيم، وكأنه من باب اقتران النتيجة بالسبب؛ فمغفرته سبحانه لعباده بسبب رحمته جل وعز، كما جاء الغفور مقترنًا بالعزيز: « خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ » (الزمر: 5).
اقرأ أيضا:
رأس المال الحقيقي.. تفسير سورة العصر وبائع الثلج المسكين!رد الشيطان
إن جاءك الشيطان يهون عليك الذنوب، فقل: يا خبيث « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ » (التوبة: 4)، وقل له: يا مدحور: « إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ » (الملك: 12)، وإن زللت وأذنبت فاستغفر كما جاء في الأحاديث، ولا تيأس ولا تقنط أبدًا من رحمة الله عز وجل، فقد قال الغفور الرحيم: « قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الزمر: 53)، لذا علينا أن نحمد الله عز وجل الذي قال عن نفسه: «نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ » (الحجر: 49، 50).