أخبار

أستغفر ولا أقلع عن المعصية.. هل هناك دعاء يساعدني على التوبة؟

خطيب أختي تجاوز معها جنسيًا وفسخت الخطوبة لكنها حزينة.. ما الحل؟

هذا وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وليلتها.. أسرار وانوار وفضائل وبركات

إذا أردت الخلوة بربك تناجيه وتشكو له حالك وتطهر نفسك وتهذبها فعليك بهذه العبادة.. قيام الليل

اجعل الساعتين لله.. هذا هو المقصود الحقيقي من "ساعة وساعة"!

سنة نبوية مهجورة .. داوم عليها بعد تلاوة القرآن يجزل الله لك العطاء الوفير

"العظماء الخمسة".. قرّاء أبدعوا في تلاوة القرآن وأعجزوا مَن بَعدَهُم

قانون قرآني يحارب شح الإنفاق ويزيد من رصيد مالك (الشعراوي)

"لقمان الحكيم" يخلّص سيده من رهان بهذه الحيلة

هل يجوز لي الاستمتاع بزوجتي أثناء الحيض؟

من هم الطواغيت الثلاثة الذين ذكرهم الله في "الفجر" و"الحاقة"؟

بقلم | أنس محمد | الاربعاء 27 ديسمبر 2023 - 05:24 ص

حرص القرآن الكريم على تحذير المؤمنين من الوقوع في شرك الطواغيت، والامتثال لظلمهم، ولم يترك القرآن مناسبة إلا وذكر عاقبتهم، وكيف عاقبهم الله سبحانه وتعالى على أفعالهم وشركهم بالله، ورفضهم دعوات النبيين الصديقين، وتحديهم لله عز وجل.

وذكر الله سبحانه وتعالى قصة الطواغيت الثلاثة في سورة الفجر، وقال: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ/إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ/الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ/وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ/وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ/الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ/فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ﴾.

فبعد أن أقسم القرآن في هذه السورة بالأقسام الخمسة ﴿وَالْفَجْرِ/وَلَيَالٍ عَشْرٍ/وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ/وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾، وأفاد انَّه ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ﴾ أي لذي عقلٍ يتأمل ويُفكر ويتدبَّر، بعد ذلك استعرضت هذه السورة المباركة ثلاثةَ نماذجَ من الطغاة الذين كانوا في التأريخ، وهذه النماذج، أو هؤلاء الطغاة توفرت لهم كل أسباب القوة والمِنعة، إلَّا أنهم لما عتوا عن أمر ربِّهم، وطغوا وتجبروا وعصوا رسلهم عذَّبهم الله تعالى في الدنيا، ثم ينتظرهم عذابٌ الآخرة.

كيف فعل ربك بعاد؟


هم الذين بُعث إليهم نبيُّ الله هود. والسورة المباركة لم تتصد لتفصيل ما وقع على قوم عادٍ من عذاب، كما لم تتصدَّ لتفصيل كيفية العذاب الذي وقع على النموذجين الثاني والثالث وهم: فرعون وقومه، وقوم ثمود. لكنها أشارت إلى ذلك بنحو الإشارة فقالت: ﴿فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ/إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾.

هكذا كان عذابهم


آياتٍ سورة الفجر في القرآن فصَّلت في بيان كيفية العذاب الذي وقع على هؤلاء، ففي سورة الحاقة مثلا يقول الله تعالى: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ/وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ/سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ/فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ/وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ/فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً﴾، ففي -سورة الحاقة- فصَّل القرآن بنحوٍ ما كيفية العذاب الذي وقع على قوم عاد، وكذلك ما وقع على الأقوام الأخرى.
وتحدثت كتب التأريخ وكتب التفاسير عن مدنيَّة وحضارة هذه القبيلة حتى امتلأت كتب الأساطير بقصتهم، فذكرت أن عمرانها كان متميزاً، وأنَّه كانت لهم قصور أساطينها مرصعة بالذهب والفضة والزبرجد، ومفروشة بالياقوت والمسك! وذكرت أنَّ رجال قوم عاد كانوا طوالاً جداً بحيث يصل طول أحدهم 400 ذراع! وأنَّ أحدهم ليحمل الصخرة التي تضاهي الجبل الصغير فيُلقي بها على فئةٍ من الناس فيقتلهم! ومن هذا القبيل نُقلتت الكثير من القصص، والأساطير. وذكرها تفسير ابن الكثير وغيره.

كيف عذَّب الله قوم عاد؟


أولاً لماذا عذبهم؟ يُبيِّن القرآن منشأ وقوع العذاب على قوم عاد، فأفاد أنَّهم -وبكلِّ صلافة- وبعد الجهد الذي بذله معهم نبيُهم، وبعد البراهين التي بيَّنها لهم، وبعد أن وعظ، ونصح، وجلس معهم -مجتمعين ومنفردين- وبعد أن أوضح لهم الحق والهدى، بعد كل ذلك ماذا قالوا؟ ﴿قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ) يعني عليك أن تيأس من هدايتنا ﴿وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ فلما يأس منهم، تضرع الى ربه : ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ فأجابه الله عز وجل: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾ يعني اصبر عليهم، فعمَّا قليل ليصبحن نادمين. فقال لهم إنَّ الله عزَّ وجل يتهدَّدكم بالندم، وبالفعل هبَّت ريحٌ خفيفة ﴿قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ يعني هذه مجرد ريح تجمع السحب وسينزل علينا منها مطر ويسقي الزروع، وهنا يجيب القرآن : ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ/تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾.. أصبحوا بعد أن تدمَّر كلُّ شيئ يفرّون من مكان إلى آخر بحثاً عن ملجأ، فبعضهم -كما ورد في الرويات- لجأ إلى الشعاب، ولجأ آخرون إلى الجبال، ولجأوا إلى المنخفضات من الأرض، فأما من لجأ إلى الجبال أو إلى الشعاب فتمرّ الريح العقيم -التي عبَّر عنها القرآن في آيات القرآن- فما تذر من شيئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم، أي تحوّله إلى ركامٍ تُرابي مفتت، فالجبل يُنسف وينسفون معه.. وأما الذين لجأوا الى المنخفضات و الحفر فالآية تحكي عن أنهم كانوا ينتزعون منها انتواعا قل تعالى : ﴿تَنزِعُ النَّاسَ﴾ أي أنَّ الريح تقتلع الناس كما تُنزع النخلة المتجذِّرة من الارض فالريح تنزع الناس وتقتلعهم، ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ/فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ﴾.

ثمود الذين جابوا الصخر بالواد


أرسل الله إلى قوم ثمود النبي صالح، وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.

فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له: {قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62)}.. (هود).
ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.

قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه: {وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64)}... (هود).

والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس.

كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: {نَاقَةُ اللّهِ} أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.

وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر.
وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.

كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم.

كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

تآمر الملأ على الناقة


وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.

وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.

لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.

هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.

هلاك ثمود


علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟
قال صالح لقومه: {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}.
بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.
ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.

فرعون ذي الأوتاد


كان فرعون يملك مصر التي كان يعيش بها الأقباط وهم الذين كان منهم فرعون وبيدهم الحكم وملك مصر، وبني إسرائيل الذين كان منهم نبيُّ الله موسى عليه السلام، حيث إنهم كانوا مهانين وعبارةً عن عبيد لفرعون وقومه.

وفي ذات ليلة رأى فرعون في منامه أن ناراً أقبلت من جهةِ بيت المقدس تحرق بيوت الأقباط في مصر، ولم تلمس هذه النار بني إسرائيل، فلما استيقظ خاف مما رأى في منامه، فجمع السَّحرةَ والكهنة ليسألهم عن تفسير ما رأى، فقالوا له إنّ غلاماً يولد من بني إسرائيل، يكون على يديه هلاك مُلك مصر، ويأخذ هو الملك، فعندها قرَّر فرعون قتل كل مولودٍ ذَكَر من بني إسرائيل.

فاستمرَّ فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل، ونشر الجنود والقوابل ليحدِّدوا من كانت حبلى في بني إسرائيل، حتى إذا وضعت جاؤوا وقتلوا الغلام من أول يوم، وإن كانت بنتاً تركوها ولم يلمسوها، وبعد فترةٍ من هذا العمل الرهيب، جاء الأقباط إلى فرعون يشكون قلَّة الرجال في بني إسرائيل، لأن الولدان يُقتلون والكبار يموتون، فخافوا ألا يبقى رجال يقومون بالأعمال الصعبة والبدنيَّة في بني إسرائيل، فأصدر فرعون قراراً بأن يُقتل الأطفال في عام، ويُتركوا في عامٍ آخر.

 ولادة موسى وهارون عليهما السلام


وُلد هارون أخو موسى الأكبر في عام المسامحة ولم يُقتل، وأما موسى عليه السلام فقد وُلد في عام القتل، فخافت عليه أمه من أن يأتي جنود فرعون ليقتلوه، فأوحى إليها ربها سبحانه وتعالى بأن تضعه في تابوتٍ من الخشب، وتلقيه في النهرِ إذا خشيت عليه من جنود فرعون، فكانت تضعه في هذا التَّابوت وتربطه بحبلٍ ومن ثم تلقيه في النهر، فإذا ذهب رجال فرعون أعادته وأرضعته ثمَّ تلقيه مرةً أخرى في النَّهر.

 وذات يومٍ نسيت أم موسى عليه السلام أن تربط التابوت، فأخذ النَّهر التابوت الذي به موسى وحمله إلى ضفافِ بيت فرعون، فلما رأته الجواري سحبنه ولم يفتحن التَّابوت وذهبن به إلى "آسيا" زوجة فرعون، فلما فتحت آسيا التابوت ورأت وجه موسى عليه السلام مضيئاً وجميلاً، أحبته، فرآه فرعون وأمر بقتله، فعندها قالت زوجته آسيا: فلنتخذه قرَّةَ عينٍ لي ولك، فقال فرعون: لك نعم، أما لي فلا.

رحيل موسى عليه السلام من مصر


كبُر موسى عليه السلام في بيت فرعون واشتدَّ عوده، وفي ذات يوم رأى موسى عليه السلام رجلين يقتتلان، واحد من بني إسرائيل والآخر من الأقباط، فأراد موسى عليه السلام أن يمنع القبطيَّ من إيذاء الإسرائيليِّ فوكزه بيده، وقيل إنّه وكزه بعصى، ولم يكن يريد قتله، ولكن الرَّجل القبطيَّ مات بسبب هذه الوكزة، ولما وصل الخبر إلى فرعون أمر بإحضار موسى عليه السلام، فجاء رجلٌ يخبر موسى أن الأقباط يريدون قتله انتقاماً لما فعله مع ذلك القِبطي، فخاف موسى وخرج من مصر حتى لا يُقتل، فوصل إلى "مَدْيَن" يحتمي هناك ويتوارى عن أنظار جنود فرعون.

 زواج موسى عليه السلام


وعندما كان في "مدْيَن" رأى فتاتين واقفتين مع أغنامهما بالقرب من بئرٍ يُستخدم لسقاية الماشية، فذهب إليهما وسألهما: لماذا لا تسقيان ماشيتكما مع باقي الرُّعاة، فقالت إحداهما: بأنَّنا لا نسقي إلا بعد أن ينتهي الرُّعاة من سقاية ماشيتهم، فسقا لهما، وذهب وابتعد ولم يطلب أجراً على ذلك. فلمَّا عادت البنتان إلى أبيهما، قالت إحداهما لأبيها: يا أبتِ استأجره فإن خير من استأجرت القويُّ الأمين، فناداه أبوهما وقال له: إني أُزوجك إحدى ابنتيّ، ولكن بشرط أن تخدم عندي ثماني سنين، وإذا خدمت عندي عشراً فلك الأجر والثواب، فوافق موسى وتزوج الصُّغرى منهما، وهي التي سألت أباها أن يستأجره. الوحي والتكليف الإلهي وعندما انقضت الفترة التي كان متَّفقاً عليها بين موسى عليه السلام ووالد الفتاتين، أخذ أهله وماله وأراد أن يعود إلى أهله في مصر، وفي طريق السَّفر كان الوقت ليلاً، فلاحظ ناراً من بعيد، فأبقى أهله في مكانهم وذهب إلى تلك النار.

 فلما وصل موسى عليه السلام إلى تلك النار، سمع صوتاً يقول له: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)، وفي تلك اللحظة أعطى الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام الرِّسالة التي يجب أن ينقلها لفرعون، بأن يدعوه إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، كما أنّ الله تعالى أيّد موسى بالمعجزات، فالأولى كانت بالعصى التي تتحول إلى أفعى عظيمة، ومخيفة بقدرةٍ من الله تعالى، والمعجزة الثانية كانت بيده يضعها في جيبه وإذا بها تخرج بيضاء لا سوء بها.

وهنا موسى عليه السَّلام طلب من الله أربعة أمور، الأول أن يشرح الله له صدره، والثاني أن ييسِّر له أمره، والثالث أن يحلُل له عقدةً في لسانه؛ وأما الرابع أن يبعث معه أخاه هارون عليه السلام نبياً يعينه. دعوة موسى لفرعون فذهب موسى إلى فرعون مع أخيه هارون لدعوته إلى عبادة الله وحده، فلما دخلا على فرعون أخبره موسى عليه السلام أنهما رسولا الله له لدعوته لعبادة الله الواحد الأحد، الخالق الرَّزَّاق، وأمراه أن يترك بني إسرائيل يذهبوا معهما، فلما سمع فرعون كلامهما قال: إن كنت يا موسى نبيّاً من الله هاتِ لنا برهاناً حتى نصدِّقك، فرمى موسى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مُبين، وضم يده إلى جناحه وأخرجها فإذا هي بيضاء من غير سوء، عندها قال فرعون لمن حوله: ما هذا إلا ساحر يريد أن يُخرجكم من أرضكم ويفسد عليكم دين آبائكم، وأمر بجمع السَّحرة الموجودين في أرض مصر، وقال لموسى: دعنا نتَّفق على يومٍ يكون به النِّزال، فاختار موسى عليه السلام يوم الزِّينة، وكان هذا يوم عيد في مصر القديمة.

 وجاء ذلك اليوم وأتى السَّحرة وموسى وهارون عليهما السلام، فأمر موسى السَّحرة أن يلقوا ما بأيديكم أولاً، فلمَّا ألقوْا عصيَّهم وحبالهم سحروا أعين الناس ليروْا أن هذه العصيَّ وكأنَّها تسعى، فخاف موسى أن يُفتن الناس بما يشاهدونه، فألقى عصاه التي صارت بقدرة من الله تعالى ثعباناً عظيماً، فالتقفت كل ما ألقى السَّحرة بسرعة، فلمَّا رأى السَّحرة هذا المشهد العظيم، استيقنوا أن هذا ليس سحراً، وإنما معجزة ربَّانية حقيقية، فسجدوا لله وقالوا آمنَّا بربِّ العالمين ربِّ موسى وهارون، فلما رأى فرعون ما فعله السِّحرة، غضب وأمر بتعذيبهم وقتلهم جميعاً.

 عذاب قوم فرعون


وزاد عناد فرعون ولم يرضَ بإرسال بني إسرائيل مع موسى وهارون عليهما السلام، فأنزل الله عليه وعلى قومه أنواعاً من العذاب، حيث إنه سبحانه وتعالى أرسل عليهم القمل والضفادع والدَّم، وفي كل مرَّةٍ كان فرعون يقول لموسى عليه السلام: ادع لنا ربَّك أن يرفع عنا هذا العذاب وسأرسل بني إسرائيل معك، ولكنه كان يكذب ويُخلف بوعده في كلَّ مرَّة، بل وكان يقتل الأطفال ويستحيي النِّساء ليردهم عن عبادة الله وحده.

 هلاك فرعون


وذات يوم انطلق موسى بقومه ليخرجوا من مصر، ولحقهم فرعون وجنوده ليوقفوهم ويقتلوهم، وعندما وصل موسى إلى ضفاف البحر خاف قومه وقالوا هلكنا، لأن فرعون من ورائهم يريد القضاء عليهم والبحر من أمامهم يقفل طريقهم، فقال موسى عليه السلام بكلِّ إيمانِ: إن الله معي سيهدين، وعندها أوحى الله لموسى أن يضرب البحر بعصاه، فلما فعل موسى ما أوحى إليه الله تعالى فإذا بالبحر ينفلق ويصبح كلَّ فِرْقٍ كالجبل العظيم، وانطلق بقومه إلى الضِّفَّةِ الأخرى حتى وصلوها، وفي ذلك الحين كان فرعون مع جنوده ما زالوا يمرُّون من بين الجبلين المائيَّين، وإذا بهذين الجبلين يطبقان على فرعون وجنوده ويغرقوا جميعاً.


الكلمات المفتاحية

من هم الطواغيت الثلاثة الذين ذكرهم الله في الفجر والحاقة؟ هلاك فرعون زواج موسى عليه السلام رحيل موسى عليه السلام من مصر فرعون ذي الأوتاد هلاك ثمود ثمود الذين جابوا الصخر بالواد كيف عذَّب الله قوم عاد؟

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled حرص القرآن الكريم على تحذير المؤمنين من الوقوع في شرك الطواغيت، والامتثال لظلمهم، ولم يترك القرآن مناسبة إلا وذكر عاقبتهم، وكيف عاقبهم الله سبحانه وتع