بقلم |
أنس محمد |
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 - 05:49 م
ورد سؤال إلى موقع amrkhaled.netعن حكم تعدد الزوجات، ومتى يباح للرجل أن يتزوج على زوجته، علمًا بأن هناك من يصور الزواج الثاني على أنه جريمة وخيانة زوجية، فلم يتبق أمام الرجل الذي لا يريد أن يخرب بيته ولا يطيق العيش مع زوجته إلا خيانتها، خوفًا من الزواج عليها؟.
ويجيب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، عبر "بوابة الازهر الإلكترونية"، أن مسألة تعدد الزوجات ضرورة اقتضتها ظروف الحياة، وهي ليست تشريعًا جديدًا انفرد به الإسلام، وإنما جاء الإسلام فوجده بلا قيود ولا ضوابط وبصورة غير إنسانية، فنظَّمه وهذَّبه، وجعله دواءً وعلاجًا لبعض الحالات الاضطرارية التي يعاني منها المجتمع، فجاء الإسلام والرجال يتزوجون عشر زوجات أو أكثر أو أقل دون ضوابط، فقرر أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع، واشترط لهذا التعدد أن يكون هناك عدلٌ بين الزوجات، والقدرة على الإنفاق، وإلا وجب الاقتصار على زوجة واحدة، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: 3].
وأكد الطيب خلال مقاله المنشور للرد على فتوى تسأل عن حكم تعدد الزوجات، بأن تعدد الزوجات في الإسلام جاء لحل مشكلة اجتماعية قائمة تمس الرجل والمرأة والمجتمع بأسره، فهو يحل مشكلة للرجل الذي لا تنجب زوجته، أو الذي مرضت زوجته بمرض يمنع استمرار العلاقة الزوجية، وفي هذه الحالة بدلًا من أن يطلقها ويتركها فإنه يتزوج عليها مَن تقضي له حاجته، وتبقى زوجته الأولى في بيتها مكرمة مصونة، وفي ذلك إحسان إليها وتقدير لها.
وأشار الطيب إلى أن التعدد يحل مشكلة للمرأة المطلقة أو الأرملة التي مات زوجها والتي تبتغي الإحصان والعيش في أمان مع رجل يحميها ويرعى شؤونها حتى ولو كانت مع امرأة أخرى، كما أن التعدد يحل مشكلة للمجتمع كله وهي عندما يكثر عدد النساء على الرجال، وهذا ثابت وفقًا للإحصائيات في كل مكان خاصة عقب الحروب، فخيرٌ للمرأة أن تشارك امرأة أخرى في الزواج برجل في علاقة شريفة من أن تظل بلا زوج وينتهي بها الأمر إلى الفساد والانحراف، وإلى الآن وحتى مع إباحة تعدد الزوجات فإن عدد العانسات والأرامل والمطلقات في زيادة.
وقال شيخ الأزهر إنه ليس صحيحًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أباح لنفسه الزواج من أي امرأة تهبه نفسها إذكاءً لجذوة الشهوة كما يثيره أعداء الله ورسوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم ينظر في زواجه إلى الشهوة واللذة والمتعة، بدليل أن جميع زوجات الرسول -ما عدا السيدة عائشة رضي الله عنها- ثَيِّبات سبق لهن الزواج قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما الباعث الحقيقي من هذه الزيجات هو تكريم بعض أصحابه كتكريم أبي بكر بالزواج من السيدة عائشة رضي الله عنهما، وتكريم عمر بالزواج من السيدة حفصة رضي الله عنهما، وتكريم الزوجات المسلمات الصالحات اللائي فقدن أزواجهن في الذود والدفاع عن الإسلام وتأليف القلوب وجمع القبائل على الإسلام.
وأوضح أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يبح لنفسه الزواج من أي امرأة تهبه نفسها بدون مهر، وإنما الله سبحانه وتعالى هو الذي أباح له ذلك، وجعله أمرًا خاصًّا به صلى الله عليه وآله وسلم ليس لغيره من المؤمنين، وجعل قبول هذه الهبة بإرادته تكريمًا له صلى الله عليه وآله وسلم، ومع هذه الإباحة وتلك الخصوصية فإن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يقبل واحدةً ممن وهبت نفسها له بدون مهر، وفي ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةٌ وهبت نفسها له".