رجب .. ها هو تمر أيامه يومًا بعد يوم، وهو أول الأشهر الحرم، له فضل عظيم بين سائر الشهور، وقد ذكره النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، بالعديد من الفضائل، فقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحبون هلول رجب عليهم، لأن به بعضًا من رمضان، ويقربهم منه، فيزيدون فيه الصوم والصدقة، وكأنهم يجعلونه استعدادًا حقيقيًا على أرض الواقع لرمضان، لدرجة أن البعض نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال عن رجب: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».
وعلى الرغم من تضعيف هذا الحديث، لكن الدعاء بذلك لا غبار عليه، بل أنه على كل مسلم أن يتمنى أن ينوله الله عز وجل رمضا، لمّا في هذا الشهر العظيم من الفضل الكبير، فإذا كان رمضان شهر القرآن، فإن رجب هو شهر الصلاة، لأن فيه رحلة الإسراء والمعراج التي حدد الله عز وجل فيها مواقيت الصلاة وعددها في اليوم والليلة على ما هي عليه الآن (5 صلوات في اليوم والليلة).
ويتميز هذا الشهر بما يسمى بصلاة الرغائب، وهي الصلاة التي وردت صفتها في حديث موضوع عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من أحد يصوم يوم الخميس (أول خميس من رجب) ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة يعني ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و{إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} ثلاث مرات، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} اثنتي عشرة مرة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين، فيقول في سجوده سبعين مرة: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت العزيز الأعظم، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله تعالى حاجته، فإنها تقضى».. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ما من عبد ولا أَمَة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر، وعدد الرمل، ووزن الجبال، وورق الأشجار، ويشفع يوم القيامة في سبعمئة من أهل بيته ممن قد استوجب النار».
الشهر الأصب
أما تسميته بشهر الأصب، فذلك لأن الصحابة والتابعين رأوا شواهد لا تعد ولا تحصى على كمية البركة التي كان الله يصبها على عباده خلال شهر رجب فضلا عن الخير والرحمة، وهو شهر كأنه يدق ناقوس الخير على المسلمين بقرب هلول شهر رمضان، فنستعد له من الآن خير الاستعداد، بكثرة الصيام وإخراج الصدقات، ووأد الخلافات مهما كانت، وسمي أيضا برجب الأصم، لأن السيوف لا يسمع صوتها فيها؛ لأن العرب كانت تترك فيه القتال تعظيمًا ومهابة له.