عزيزي المسلم، ماذا لو قيل لك عليك أن تصلي فرضي العشاء والفجر زاحفًا إلى المسجد؟.. هل تقبل؟.. قد يقف كثيرون أمام هذه السؤال، وق يرفض البعض، وربما الكل ذلك، لأنه ما الدلالة على هذا الأمر، وما فائدته، لكن لو يعلم الناس فائدة وفضل صلاتي العشاء والفجر لأتوهما بالفعل زاحفين، على الرغم من أن هاتين الصلاتين تحديدًا يغيب عنهما كثير من الناس، إما لأنه موعد مسلسل أو مباراة كرة قدم، أو لأنه موعد النوم.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في صلاة العشاء وصلاة الفجر لأتوهما ولو حبوًا»، أي زحفًا، فكيف بنا حتى لا ندري فضل هاتين الصلاتين ونتركهما من أجل مباراة أو للنوم؟!.
تقصير كبير
للأسف جميعنا الآن، مقصرون، وخصوصًا فيما يرتبط بهاتين الصلاتين (العشاء والفجر)، على الرغم من أن لهما أفضال عظيمة لا يمكن حصرها، فالإعراض عن صلاة الفجر، إنما هو إعراض عن الخير كله، وإعراض عن الجنة، وإعراض عن أن تظل في ذمة الله وجواره طوال اليوم، إذ يقول الله تعالى: « وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً » (الإسراء: 78).
وفي ذلك يقول الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه: «(وقرآن الفجر): صلاة الصبح، ومعنى (مشهودًا): أي تشهده الملائكة حفظة الليل وحفظة النهار»، فكيف بك يمنحك الله الدليل إلى حفظه ومع ذلك ترفض وتفضل مشاهدة المباراة أو المسلسل وقت صلاة العشاء، أو النوم وقت صلاة الفجر!، فقد ثبت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، من رواية الأئمة أنه قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويَجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ويسألُهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتُم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون».
أعظم مواظبة
أوتدري أن أعظم مواظبة في حياتك عزيزي المسلم، ليست في احترامك لمواعيد عملك أو تقديرك لشغلك، رغم أهمية ذلك الشديدة، وإنما بمواظبتك على مواعيد الصلاة، وخصوصًا العشاء والفجر، لأنهما يأتيان في أوقات ينشغل فيهما المسلم عن ربه، وبالتالي من حافظ عليهما برأه الله من النفاق، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَظُنُّهُ قَدْ رَفَعَهُ- قَالَ: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ، وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أربعين ليلة فِي جَمَاعَةٍ لَا تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ، كُتِبت لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ».
فيما أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا. لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ المُؤَذِّنَ، فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلًا مِنْ نَارٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَى مَنْ لَا يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدُ».