"لين القلب" نعمة كبيرة جدًا من عند الله عز وجل، كما أن الحب "شعور يستحق التنازل" والتواضع، وألا نمنع قلوبنا بأن تشعر به، خصوصًا أن يساعد على بناء علاقات سوية بين الناس.
فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، أول شيء يفعله في المدينة المنورة بعد الهجرة، هو المؤاخاة بين (المتخاصمين) الأوس والخزرج، لأنه يعلم جيدًا أن بناء المجتمع (طوبته الأولى) الحب، ولبنته الأولى التعاون والمودة، لكن ذلك لا يمكن له أن يحدث إلا بلين القلوب، وهي صفة إسلامية بحتة.
ورد في الصحيح عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ الله لا يَنظُر إلى أجسامكم ولا إلى صُوَركم، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم».
إصلاح القلب
عليك بإصلاح قلبك ينصلح كل شيء من حولك، ترى الدنيا كلها جميلة، والناس جميعها متعاونين ودودين، وقد ترى الجماد ذاته جميلاً ومتعاونًا، ذلك أن القلب اللين الذي يحب، يبعث طاقة إيجابية على أي مكان ينزل به، فتنتقل المحبة إلى الجميع، بشر أو حيوان أو جماد.
فترى الإنسان يخض الأسود، ويلين الحديد، وقد يتعب جدًا في أن يلين قلب أحدهم، مع أننا بالأساس أصحاب دين (لين القلوب)، فكيف نتخلى عن صفتنا الأساسية، وننسى أننا أتباع صاحب ألين القلو وأعظمها وأطيبها، وأكثر ودًا وحبًا للجميع، حتى مع أعدائه.
حينما فتح الله عليه مكة، قال للمشركين: "ما تظنون أني فاعل بكم"، فقالوا (أخ كريم وابن أخ كريم)، فقال قولته الشهيرة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ذلك أنه يريد تغيير قلوبهم إلى الإسلام، وهو يعلم جيدًا أن هذا الأمر لن يأتي أبدًا بالعنف أو الغصب، وإنما باللين فقط.
اقرأ أيضا:
العمل في الدنيا 4 أنواع بحسب نيتك ..اعرف مدى إخلاصك حتى يرضى عنك ربكالقلب اللين
وبالتالي فإن القلب الصالح الخاشع اللين الوجل عند ذكر الله، الرحيم الرقيق لعباد الله، وهو الموعود بكل خير من الله في دنياه وأخرته، قال تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ » (الأنفال: 2 - 4).
بلين القلوب تنير الدنيا كلها، وتزدهر الأشجار والزهور، وتغني العصافير، لأن الحب (عدوى) لكنها عدوى جميلة تصيب أصحاب القلوب الطيبة.
في صحيح مسلم من حديث عِياض بن حِمارٍ المجاشعي أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال ذاتَ يومٍ في خطبته: «ألاَ إنَّ ربِّي أمرَنِي أنْ أُعلِّمكم ما جَهِلتُم ممَّا علمني يومي هذا...».
وفيه قال صلى الله عليه وسلم: «وأهل الجنَّة ثلاثة: ذو سُلطان مُقسِط مُتصدِّق مُوفَّق، ورجل رحيم رقيق القلب لكلِّ ذي قُربَى ومسلم، وعَفِيف مُتعفِّف ذو عيال».