بقلم |
عامر عبدالحميد |
الثلاثاء 01 مارس 2022 - 10:27 ص
كان للجواري عجائب وغرائب في القصور، خاصة ما كان منهن يحسن الشعر والغناء والعزف، حيث كان ثمنها باهظا في البيع والشراء.
جارية بين يدي الرشيد:
يقول مسرور خادم الخليفة العباسي هارون الرشيد: لما أصيب الوزير يحيى بن خالد بن برمك بعثني هارون إلى جارية له كانت قد ترهبت، مغنية يقال لها "قرب". وكانت صاحبة أمر يحيى بن خالد، فقال: ائتني بها، فدخلت عليها وعليها لباس الصوف، فقلت: أجيبي أمير المؤمنين، فقالت: أنا أعلم لما يدعوني، وهذا أمر قد تركته لله تعالى فأحب أن تحتال لي، فأعلمتها ألا حيلة في ذلك. قال: فدعت بأثواب فلبستها ثم تقنعت بسبعة أخمرة، قال: فجئت بها فدخلت بها عليه. فأقعدها ثم قال: هات عودا، قال: فجئته به، قال: ادفعه إليها. فقالت: يا أمير المؤمنين، هذا أمر تركته لله تعالى ونويت ألا أفعله بعد يحيى بن خالد. قال: فألحّ عليها فأبت، فقال: يا مسرور، خذ مقرعة وقف على رأسها فإن أبت فاضرب رأسها أبدا. قال: فأبت، فضربتها، حتى تقطعت السبعة أخمرة، فنظرت إلى شعرها والدم قد خرج من رأسها، فقالت: أفعل، ثم تناولت العود، فغنت: لما رأيت الديار قد درست .. أيقنت أن النعيم لم يعد قال: فوالله ما فرغت حتى نظرت إلى دموع هارون على لحيته، ثم قال: انصرفي فقامت من بين يديه وهي تبكي، فقال لي: يا مسرور، الحقها بعشرة آلاف دينار وقل لها: يقول لك أمير المؤمنين: اصرفيها فيما تحتاجين إليه، واجعليني في حل، فقالت: يا مسرور لا حاجة لي فيها، وهو في حل.
3رجال ومغنية:
يقول الفقيه عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون : كنا نأتي المغيرة بن عبد الرحمن فجاءه يوما مولى له يقال له كبّة، وكان شيخا كبيرا. فقال له المغيرة: يا كبة بالله حدثنا بعض ما كان في شبابك، فقال: نعم، دخلنا مرة بيت مغنية أنا وثلاثة من مزاحي المدينة، فغنت صوتا. فقال لها أحدهم: أسأل الله تعالى ألا ينزل لي حسنة إلا كتبها لك، ثم غنت صوتا آخر، فقال لها الآخر منهم: بأبي أنت، غرك والله، لا والله ما له حسنة، ولكن أسأل الله تعالى ألا ينزل لك سيئة إلا كتبها عليّ، ثم غنت صوتا آخر. فقال لها الثالث: غرّك الاثنان والله، لا والله ما لهذا حسنة ولا كرامة له، ولا لك سيئة، ولكن أسأل الله تعالى ألا يخرجك من الدنيا حتى تريه أعمى يقاد.