أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل بأربعة أشياء: إذا أصبحت فشمر ذيلك:
1-فأول شيء تلقاه فكله.
2- والثاني فادفنه.
3- والثالث فآوه.
4- والرابع فأطعمه.
فلما أصبح ذلك النبي عليه السلام، شمّر ذيله، فأول شيء لقيه جبل منيف شامخ في الهواء، فقال: يا ويلتي، أمرت بأكل هذا الجبل، ولست أطيقه، فتضامر له الجبل، حتى صار بمنزل التمرة الحلوة فابتلعها.
ثم مضى غير بعيد، فإذا هو بطست ملقاة على قارعة الطريق، فاحتفر لها قبرا، فكان كلما دفنها نبت عن الأرض، فلما أعيته تركها ومضى غير بعيد، فإذا هو بحمامة فصيرها في ثوبه، ثم مضى غير بعيد، فإذا هو بعقاب قد انقضّ نحوه، يريد أن ينهش لحمه، فاستخرج سكينا من خفه، يريد أن يقطع من لحمه، فيطعم العقاب.
فإذا هو بملك يناديه من ورائه: أنا ملك، بعثني الله إليك؛ لينبئك بهذه الكلمات:
-أما الجبل المنيف الذي أمرت بأكله، فإنه الغضب، متى تهيجه هاج، حتى صار بمنزلة ذلك الجبل الذي لم تطق أكله، ولم تستطع حمله، وإن سكنته سكن حتى يصير بمنزلة تلك التمرة التي استطبت طعمها، وحمدت عاقبتها.
اقرأ أيضا:
يوسف الصديق.. بماذا دعا ربه في محبسه؟ - وأما الطست الملقاة على قارعة الطريق، فإنها أعمال العباد، من عمل بخير أظهره الله حتى يتحدث به الناس ويزيدون، ومن عمل بشر أظهره الله عليه، حتى يتحدث بها الناس، ويزيدون.
- وأما الحمامة التي أمرت بإيوائها، فهي الرحمة، فصل رحمك، وإن قطعوك، قربوا منك أو بعدوا.
- وأما العقاب الذي أمرت بإطعامه، فإنه المعروف، فضعه في أهله، وفي غير أهله، واصطنعه إلى مستحقه، وغير مستحقه، يلقاك نيله وإن طال أمده ".
3 نفر من بني إسرائيل:
خرج ثلاثة نفر من بني إسرائيل يرتادون لأهليهم، فأخذهم المطر، فآووا تحت صخرة، فانطبقت عليهم، فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: لا ينجيكم من هذا إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بأفضل عمل عمله.
1-فقال أحدهم: اللهم إنه لي ابنة عم، حسناء جميلة، فأردتها على نفسها، فامتنعت علي، ثم إنه أصابتها مجاعة، فعرضت عليها أن أعطيها مئة دينار، وتمكني من نفسها، ففعلت ذلك، فلما كنت بين رجليها، أخذتها رعدة، قلت: ما شأنك؟ قالت: إني أخاف الله، قال: فتركتها، وتركت لها المئة دينار، اللهم إن كنت تعلم أني إنما صنعت هذا ابتغاء رضاك، واتقاء سخطك، فافرج عنا، فانفرجت الصخرة حتى رأوا منها الضوء.
2- ثم قال الآخر: اللهم، إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكانت لي غنم أرعاها عليهما، فكنت إذا رحت بها، جئتهما فبدأت بهما قبل ولدي وأهلي، فبعد بي الشجر يوما، فجئت وقد ناما، فحلبتها، ثم أتيت بالإناء إليهما، فوقفت عليهما، وهما نائمان، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أبدأ بصبيتي قبلهما، فلم أزل واقفا عليهما حتى انفجر الفجر، اللهم، إن كنت تعلم أني صنعت هذا ابتغاء رضاك، واتقاء سخطك فافرج عنا، فانصدعت الصخرة صدعة أخرى.
3- ثم قال الثالث: كنت في غنم أرعاها، فحضرت الصلاة، فقمت أصلي، فجاء الذئب، فدخل في الغنم، فكرهت أن أقطع صلاتي، فصبرت حتى فرغت من صلاتي، اللهم إن كنت تعلم أني إنما صنعت هذا ابتغاء مرضاتك، واتقاء سخطك، فافرج عنا، قال: فانفرجت الصخرة.