من جعل الدنيا همه فهو على خطر عظيم.. كيف تتعلق بالآخرة؟
بقلم |
محمد جمال حليم |
الثلاثاء 03 سبتمبر 2024 - 07:23 ص
لا ينبغى المسلم أن ينافس على الدنيا ويجعلها همه،بل أن من يعمل لها ويحب ويكره ويوالى ويعادي من أجلها هو الخاسر. فلقد بين الرسول عاقبة من ينافس على الدنيا ففى الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له".
وهذه الحقيقة أن كثيرا من الناس يصبح ويمسي وأكبر همه وأعظم مقاصده الدنيا، فهي الشغل الشاغل له، وهو فيها متبع لشهواته وهواه، مضيع لفرائض ربه ومولاه، مجترئ على محارمه متعد لحدوده، ثم هو لا يفكر إلا في الدنيا ولا يهتم إلا بها، ولا يعمل إلا من أجلها، يفرح إذا زادت دنياه ويحزن إذا نقصت، أما دينه فلا يهم عنده زاد أو نقص. مثل هذا في الحقيقة سكران بحب الدنيا والتعلق بها أعظم من سكر صاحب الخمر.
حقيقة الدنيا: ولقد بين الله حقيقة الدنيا وبين أنها متاع الغرور وأنها متاع زائل وان الواغى هو من يعمل للآخرة في حقيقتها متاع الغرور ، ظل زائل وصيف عابر لا تستحق كل هذا العناء. وفي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى: " يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت يدك شغلا ولم أسد فقرك".
التنافس على الدنيا: وقد حدَّث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أتى العاليةَ، فمَرَّ بالسُّوقِ، فمَرَّ بجَدْيٍ أَسَكَّ مَيْتٍ، فتَناوَلَه، فرَفَعَه، ثُمَّ قال: "بِكَمْ تُحِبُّون أنَّ هذا لَكُم؟" قالوا: ما نُحِبُّ أنَّه لنا بشيءٍ، وما نَصنَعُ به، قال: "بِكَمْ تُحِبُّون أنَّه لكُم؟" قالوا: واللهِ لو كان حَيًّا لَكان عَيْبًا فيه أنَّه أَسَكُّ، فكيف وهو مَيْتٌ؟ قال: "فواللهِ لَلدُّنيا أهْوَنُ على اللهِ مِن هذا عليكم".(رواه أحمد).ولقد علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام رضي الله عنه درسا مهما كما في الصحيحين عَنْه رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى". وجماع ذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: "من جعل الهموم هما واحدا هم آخرته كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك".