مرحبًا بك يا عزيزتي..
أقدر مشاعرك وأتفهمها جيدًا، وأتعاطف معك.
لاشك أن "سلوك" أخيك هذا غير جيد، وهو فجر في الخصومة بالفعل، منهي عنه شرعًا، وهذا السلوك المرضي له أسباب بالطبع، ولأنك لم تتحدثي عن تفاصيل تخص طفولة أخيك ووالديكم وطريقة تعاملهم معكم ومع أخيك، فربما يعود هذا السلوك لطفولته، كأن يكون هذا سلوك أحد الوالدين مثلًا أو أقاربكم وتعلمه أخوك منذ الصغر بملاحظة الطفل وتتبعه لسلوكيات الكبار، وقد يكون أخوك قد حرم من اشباع احتياجه للاهتمام والعطف والحب والقبول غير المشروط ومن ثم تمنحه المقاطعة الشعور بالاهتمام وأنه "مهم" لديك، وقد يكون أخوك غير متلامس مع مشاعره ولم يتعلم منذ طفولته أيضًا كيفية التعبير عن مشاعره، فهو عندما يغضب لا يعبر ولا يعرف بم يتكلم، وإنما يدفن هذه المشاعر فتؤجج بداخله نارًا يظل يصارعها، وتدفعه للمقاطعة وعندما تهدأ أو تنطفيء يتصالح!
لاشك أن هذا نمط سيء وغير سوي وليس أخوك وحده من يتبعه فكثيرون هكذا بسبب ما ذكرت لك من أسباب، ولهذا كله حل بالطبع وهو التعافي والتواصل مع متخصص نفسي وهو واجب أخوك نحو نفسه، وواجب أي شخص نحو نفسه ليتخلص من هذا النمط السيء في التعامل والعلاقات، لأن البديل سيء وهو تكرار النمط، وتركزه لدى الشخص، وإدمانه والتعود عليه ورسوخه وزيادته بما يؤثر سلبيًا على الشخص نفسه وعلاقاته أيضًا.
وحتى يمكن إقناع أخيك وتوعيته بضرورة التواصل مع متخصص نفسي، ومن الأفضل ألا يكون عن طريقك حتى لا يتعامل مع الأمر بعناد ومكابرة، يمكنك التعامل معه خلال فترات مقاطعته تلك التي تحزنك، بحكمة وذكاء واحتيال، بأن تبتعدي عن الأسئلة التي تكون إجاباتها نعم أو لا، فإذا أردت الخروج معه لزيارة أحد أقاربكم مثلا أسأليه ما رأيك هل نذهب غدًا أم نهاية الأسبوع، وابتعدي عن الإلحاح عليه بشأن أي شيء، وعبّري عن مشاعرك تجاهه بشكل غير مباشر، فلا توقفي اهتمامك ومشاعر حبك له ولكن لا تعبري عنها بشكل مباشر، وإنما بتقديم خدمة ما كأن تصنعي مثلًا أكلة يحبها وأثناء تناولكم وجبة الإفطار تقولي له أنك صنعتي له كذا الذي يحبه يارب يعجبك، بدون انتظار إجابة منه، ولو كان مقاطع الاجتماع معك على المائدة أساليه هل أحضر لك كذا الذي تحبه في غرفتك أم ستتناوله معي على المائدة؟، وبذا تكونين قد كسرت أنت هذه المقاطعة، والجفاء، بعدم قطع الإهتمام، والتواصل، والخدمة، كأساسيات للحياة، مهما يكن رد فعله، فالمهم أن تكوني أنت إيجابية وتتصرفين بشكل سوي لنفسك أولًا وللعلاقة ثانيًا، تجاهل جفاؤه يكسره، يوصل له رسالة أن المهم هو العلاقة وليس الجفاء الذي صنعه، وأن هذا الجفاء وتلك المقاطعة هي قراره هو الذي يخصه.
عزيزتي، خطأ الآخرين لا يعني أن نخطيء مثلهم، فالتحدي هو أن نبقى "أسوياء" وهو صعب بالتأكيد لكنه ممكن.
وأخيرًا عندما ينطفيء غضبه وصراعه معه ويأتي كعادته للمصالحة، حدثيه عن حبك له وضرورة التفكير في طريقة أخرى للتعامل بينكم ليس من بينها المقاطعة والجفاء.
ومن جهة أخرى حاولي التواصل مع أحد الأقارب أو الأصدقاء الحكماء لإقناع أخيك بالتواصل مع معالج نفسي حتى يتعافى من هذا التشوه في الشخصية.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.