القرآن الكريم هو الكتاب الأكثر صدقًا وعلمًا، وفيه توضيح لكل شئون الحياة والماضي والمستقبل، فكيف يمتلك المسلمون لكتاب بهذه الأهمية، ومع ذلك لا يتقدمون؟.
يجيب المفكر الراحل الدكتور مصطفى محمود على هذا الأمر بقوله: "المسلمون أكثر الناس تلاوة لكتابهم ترتيلاً و وتجويدًا.. و لكنهم قعود دائمًا وفي حالة سكون لا يتقدمون.. يقرأون كتابهم بعيون الموتى فقط، فلا تطلق فيهم الآيات قوة دافعة للحركة و العمل و البحث و الاختراع.. مع أن القرآن كتاب حركة و عمل، إذ قال الله تعالى في كتابه العزيز من سورة العنكبوت: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)، وقال أيضًا في سورة يس: (انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ)، وقال سبحانه في سورة التوبة: (وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
العلم والعمل
من أراد العلم فعليه بالقرآن، ومن أراد العمل فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معًا فعليه بالقرآن، وأما العمل بما أنزل الله، فلا يمكن أن يكون قبل العلم بما أنزل الله ، فعلى المسلم أن يحرص على العلم ثم إذا علم فعليه أن يعمل بما علمه، وقد قال تعالى : «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها»، وتدبر الكلام إنما ينتفع به إذا فُهم.
وقال أيضًا سبحانه: «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، فالرسل تبيِّن للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وعليهم أن يبلغوا الناس البلاغ المبين ، والمطلوب من الناس أن يعقلوا ما بلغه الرسل ، والعقل يتضمن العلم والعمل ، فمن عرف الخير والشر فلم يتبع الخير ويحذر الشر : لم يكن عاقلاً ، ولهذا لا يُعد عاقلاً إلا من فعل ما ينفعه واجتنب ما يضره ، فالمجنون الذي لا يفرق بين هذا وهذا قد يلقي نفسه في المهالك، وقد يفر مما ينفعه.
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعكتاب العلم
القرآن يعتبره العلماء، كتاب العلم وأهله، فكيف يكون بين يدي المسلمين كنز كهذا ولا يستغلوه أيما استغلال، فقد عرف المسلمون الأوائل هذه القيمة، فكانت النتيجة أن خرج من بينهم (ابن سيناء والكندي وابن الهيثم وأبو القاسم الزهراوي، وعباس بن فرناس والخوارزمي وأبو بكر الرازي والبيروني والزهراني)، وغيرهم كثيرين.
وقد ورد أدب تلقي العلم في القرآن الكريم بآيات كثيرة تتحدث عن العلم، قال تعالى: «فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا»، (سورة طه: الآية 114)، تتحدث هذه الآية عن استعجال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم على تلقف الوحي ومبادرته إليه والتي تدل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم، للعلم وحرصه عليه، ولذلك أمره الله تعالى أن يسأله زيادة العلم لأن العلم خير وكثرة الخير مطلوبة.