لاشك أن جميعنا يسأل الله عز وجل دائمًا أن يبعد عنا سوء الخاتمة، ولكن لكي تبتعد عن هذا الأمر، عليك بالأساس أن تبتعد عن أسباب سوء الخاتمة، والتي من أبرزها (ذنوب الخلوات، ودسائس بين العبد وربه لم يطلع عليها الناس).
فقط عليك الحذر من أن تنتهك محارم الله إذا تواريت عن العيون، وأغلقت الأبواب، وأرخيت الستور، كل ما عليك هنا أن تتذكر الله دائمًا، قال تعالى يؤكد ذلك: «يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَٰحِدَةٍۢ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»، فلا تجعل الله بجلاله وقدره أهون الناظرين إليك، قال تعالى يحذرنا من ذلك: «يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا» (النساء 108).
الأدب مع الله
إذن ليعلم القاصي والداني أن مراقبتنا لله عز وجل أدب ، ومراقبة الله لنا رعاية وليست تجسس ونكاية بنا، فإذا وقعت في الدسائس ثم تبت إلى الله واستغفرته عنه، غفر الله لك، فالله عز وجل يقول في الدسائس: «سترتها عليك في الدنيا واغفرها لك اليوم»، لكن علينا أيضًا ألا نربط بين الآيات التي تتحدث عن المنافقين وعن ذنوبنا البسيطة، التي إن تبنا عنها إلى الله، قبل الله توبتنا لاشك.
قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ» (إبراهيم 28)، واسأل الله دومًا أن يصرف عنك الذنوب والمعاصي، فقد كان من دعاء الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: «وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة»، لكن إذا وقعت في الذنب في السر، فالزم هذا الدعاء الذي دعا به الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقول في سجودك: «اللهم اغفِر لي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وجِلَّه، وأوّلَهُ وآخِرَه، وعلانيته وسِرَّه».
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعستر الله
بالأساس إذا سترك الله في ذنب الخلوة، فاعلم أنه مازال لديك رصيد لديه سبحانه وتعالى ليسامحك ويعفو عنك، ولكن اعلم يقينًا أن خبث طوية الإنسان يحول بينه وبين حسن الخاتمة.
ولذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة»، وبالتالي فإن القول بأن ذنوب الخلوات أصل الانتكاسات يقصد به الحث على الالتزام بتقوى الله في السر والعلن، وخشيته في الغيب والشهادة، وألا يجعل العبد ربه أهون الناظرين إليه، وليس المقصود به دعوة الناس إلى المجاهرة بالمعصية بدلا من الاستتار بها.