مرحبًا بك يا عزيزتي..
غالبا ما تكون مشاعرنا المتعبة والمؤذية لنا من صنع أيدينا، ونحن مسئولون عنها بالدرجة الأولى، كيف ذلك؟!
نعم، إن مشاعرنا هي من صنع أفكارنا، وهي يا عزيزتي كالحصان، تمتطيه عقولنا وارادتنا في الحياة، فهل فهمت الآن مسئوليتك عن ذلك؟!
فالعقل يفكر والإرادة تختار، وكل هذا لا يتحول إلى فعل عملي إلا إذا استطاعت هذه الأفكار والإختيارات أن تحرك المشاعر، هذا ما يقوله لنا علماء النفس، فهل في كل مرة وقعت بها في الحب أي تحركت مشاعرك بهذه العاطفة، كان هذا هو السيناريو المنطقي والسليم الذي حدث معك بالفعل، أم العكس؟!
أنت وحدك من لديه القدرة على الإجابة، ومن ثم تحديد المسئولية، أنت تحتاجين بالتأكيد لتصحيح ادارتك لمشاعرك، إن السلسلة من أولها هي التحكم في الأفكار مما يمكننا من إدارة المشاعر ومن ثم إدارة السلوك، فهلا فعلت؟!
إن التوفيق الذى لم يحالفك في كل تلك المرات تتشابك فيه الأسباب، بعضها الطرف الآخر مسئول عنه، وبعضها البيئة والظروف وقتها والأحداث والملابسات، والبعض الآخر يخصك أنت، مسئوليتك أنت، وهذا هو النطاق الذى بوسعك تصحيحه ومراقبته وتعديله وتصحيحه والتدريب عليه، وهذا ليس صعبًا، تحتاجين فقط لمعرفة عدة حقائق تنير لك الطريق وتصحح المفاهيم، وأولها حب الذات، ثم التواصل مع متخصص نفسي يساعدك على العلاج والتشافي.
وبداية لا ينبغي أن يدفعك شخص ما أو علاقة فاشلة أو حدث ما لليأس من قيمة كـ " الحب "، فالممارسات والتطبيق الخطأ لقانون أو قاعدة لا يعني أن الخطأ كامن في ذلك القانون أو تلك القاعدة.
الحب يا عزيزتي من أجمل المشاعر المفرحة، والمحركة للإنسان، وعندما تكون فكرتنا عن الحب أننا نفعل لمجرد التغيير والإثارة، أو أنه حقنا " نحب ونتحب"، أو أنها مجرد مشاعر ولن يضرنا شئ، فتلك أفكار تقود إلى سلوكيات وعلاقات فاشلة نندم بسببها، أو نحب من طرف واحد كما فعلت فنستنزف مشاعرنا، ويضيع المعني الحقيقي للحب وهو العطاء المتبادل للمشاعر والإحتياجات.
عندما يختلط الأمر لدينا بين الـ " الحب " و " التعلق "، فإننا نفشل، في التعلق يا عزيزتي نشعر أن الأمر مع الطرف الآخر مسألة حياة أو موت، أما في الحب فإننا لو افترقنا نتألم ونتحرق بالطبع ولكننا لا نموت، ننهض من جديد، ونواصل مشوار الحياة.
في علاقة الحب ألوان من المشاعر المختلفة، فقد يحدث الألم، والغضب، الإقتراب، الإبتعاد، الصعود، الهبوط، وليس من بينها أبدا الشك والخوف، فوجودهما لا يعني وجود حب، أو أن هذا الحب في طريقة للمقبرة، بينما لا يحتمل التعلق كل هذه الألوان والتنويعات من المشاعر.
في الحب قبول كامل، شامل، للميزات والعيوب، واحترام وقبول لمساحات الذاتوية والخصوصية، وعلاقات الحب مع آخرين من الأهل والأبناء والأصدقاء والأماكن والأشياء.. إلخ، أما التعلق فهو إلتصاق واستحواذ وتملك.
فى الحب تشعرين بالحرية وبالوقت نفسه تنتمين لعلاقة أوسع تستوعبك وشريكك، تكتملين فيها، وتنضجين، وتتطورين، بلا اعتمادية ولا أنانية.
ليس في الحب تهديدات ولا تعجيزات ولا أحكام مسبقة، ولا تحوصل حول الذات، ولا الإنكفاء معًا " أنت وحبيبك " للأبد بعيدًا عن العالم كما نسمع في الأغنيات، بل الحب أن تنطلقا بفرح وثقة نحو العالم من حولكما بتوازي وتماس مع قربكما الكامل نفسًا وروحًا وعقلًا وجسدًا، بلا تشتيت أو لامبالاة.
والآن، اسألي نفسك يا عزيزتي، هل ما مررت به من قصص فاشلة كانت بالفعل حبًا؟!
أخيرا، لا تكفري بالحب، فنحن لا نستطيع العيش بدونه مهما حققنا من انجازات، لا تصدقي أنه لم يعد موجودا، لا تعيشي تجربته متشككة، يا عزيزتي أحسني الظن بالله، فنحن لا يمكننا الكفر بالحب والله خالقه.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.