يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، ومن أبرز هذه الأسماء، اسم الله (الرقيب)، فالله سبحانه وتعالى هو المراقب الذي يُراقبك في كل شيء ، فَيراك في ظاهرك وفي باطنك وفي سرك وفي علانيتك ، أمام نفسك وأمام الناس، إذ لا تغيب عنه مثقال حبة من خردل في السماوات ولا في الأرض فهو سبحانه بحق الرقيب والمراقب، ولذلك فمن علم المعنى الحقيقي لهذا الاسم وراقب الله في كل تصرفاته، وحفظ الله عز وجل كأنه يراه، (فإن لم يكن يراه فهو يراك)، بالتأكيد نال أعلى درجات الإيمان واليقين في الله سبحانه وتعالى.
المطلع على الخبايا
فالله عز وجل هو المطلع على كل خبايانا مهما كانت، يقول تعالى: «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ » (غافر: 19)، وهي الآية التي فسرها ابن عباس رضي الله عنه في قوله: «إن الرجل يكون في القوم بتمر بهم المرأة، فيريهم أنه يغض بصره عنها، وإذا غفلوا نظر إليها، وإذا نظروا غض بصره عنها، وقد اطلع الله عز وجل من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى عورتها».
إذن الرقابة الحقيقية هي مراقبة الله عز وجل في كل أعمالك وليس مراقبة الناس، والرقيب سبحانه هو المطلع على خلقه يعلم كل صغيرة وكبيرة في ملكه، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (المجادلة:7)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى : «أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ» (الزخرف:80).
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعنظف دواخلك
عزيزي المسلم، نظف دواخلك لأن الله عز وجل بذاته العليا مطلع عليها، والله سبحانه رقيب يرصد كل أعمال العباد باللحظة، ذلك أنه عليم بالخواطر التي تدب في قلوبهم، ويرى كل حركة أو سكنة في أبدانهم، ووكل ملائكته بكتابة أعمالهم وإحصاء حسناتهم وسيئاتهم، قال تعالى: «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَاماً كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ» (الانفطار:10- 12)، فالملائكة تسجيل أفعال الجنان والأبدان.
قال تعالى عن تسجيلهم لقول القلب وقول اللسان: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق: 16-18)، فراقب الله عزيزي المسلم في نفسك تنل رضا لا يمكن تصوره، ذلك أن الله مطلع على القلوب بالأساس، ويعطي كل عبد بقدر نظافة هذا القلب وصدقه.