أخبار

لا يلدغ المرء من جحر مرتين.. هل أمر أم نهي؟

بعد ظهوره في دولة إفريقية.. كل ما تريد معرفته عن فيروس ماربورج

دراسة: الجلوس لفترة أقل يساعد على منع تفاقم آلام الظهر

اللين من أخلاق الأنبياء والصالحين.. كيف نحققه؟

منامات الصالحين.. تكشف أعمال السر (بشريات ومواعظ)

لهذه الأسباب الزوجة هي عماد الأسرة.. تعرف على صفات الزوجة الصالحة

أكبر الكبائر.. ذنب عظيم يقع فيه كثير من الشباب

10 مستحبات وسنن عظيمة مأثورة .. تغفر لك ما بين الجمعة والجمعة

10أسباب تعينك علي الخشوع في الصلاة ..وهذه أبرز علاماته .. ثوابه عظيم يشعرك بلذة العبادة

تريد أن تتوب بصدق؟.. هذا أفضل ما تدعو به ليقبل الله توبتك

ما حكم غسيل الأموال وهل تداواها في أوجه معتبرة شرعا يرفع عن صاحبها الأثم ؟ الإفتاء ترد

بقلم | علي الكومي | الجمعة 13 مايو 2022 - 05:45 م

السؤال :ما حكم غسيل الأموال؟ وما هي عقوبته في الإسلام؟ وهل تداول الأموال في أوجه معتبرة شرعًا يرفع عن صاحبها إثم اكتسابها من محرم؟

الجواب:

دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل قائلة :غسيل الأموال بكل صوره محرمٌ شرعًا ومجرمٌ قانونًا؛ فإنه قد بدأ بمحظورٍ شرعيٍّ هو التكسب من الجرائم والمحرمات، وانتهى إلى محظورٍ شرعيٍّ هو تصرفُ مَن لا يملك فيما لا يملك، وما لزم عن ذلك من حرمة المعاملة التي بنيت على محرم؛

وعزت الدار في الفتوي المنشورة علي بوابتها الاليكترونية هذه الحرمة لأن ما بني على حرام فهو حرام، وآل إلى محظور شرعي هو الإضرار بالأوطان؛ لما في استباحة غسل الأموال من تهديد الاقتصاد الوطني، فضلًا عن أن ذلك قد يستخدم في تمويل جهات مشبوهة ؛ مما يعود بالضرر الكبير على أمن الوطن وسلامته، كما أنه تحايلٌ وتدليسٌ وكذبٌ حرَّمه الشرع.

ما هو غسيل الأموال ؟

التفاصيل قالت الدار إن غسيل الأموال مصطلحٌ اقتصادي، يُقصَدُ به: كل عمل تتم فيه إعادة تدوير الأموال الناتجة عن الأعمال غير المشروعة في مجالات استثمارية شرعية لإخفاء حقيقتها ومصدرها الحقيقي؛ وذلك لمنحها الصفة القانونية؛ تهربًا من المساءلة عن مصدر المال وفي

ووبحسب الفتوي فإن غسيل الأموال جريمة اقتصادية حديثة تدخل ضمن الجرائم المنظمة؛ كجرائم الإرهاب، وتهريب الأسلحة والمخدرات، والآثار، والقمار، والسرقة، والخطف، والفساد السياسي، وغيرها.

ومضت الدار للقول :وقد عرفته "اتفاقية الأمم المتحدة في فيينا"، و"اتفاقية باليرمو" بأنه: "الإخفاء أو التمويه للطبيعة الحقيقية للأموال، ومنشئها، وموقعها، ووجه التصرف بها، وحركتها، والحقوق فيها أو ملكيتها، مع العلم بأنها ناجمة عن جريمة أو عن مشاركة في ارتكاب جريمة"؛ كما في "الدليل الاسترشادي بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب" (ص: 2، ط. مركز معلومات قراء الشرق الأوسط).

ووكذلك عرَّفه الُمشرِّع المصري بأنه: "كل سلوك ينطوي على اكتساب أموالٍ، أو حيازتها، أو التصرف فيها، أو إدارتها، أو حفظها، أو استبدالها، أو إيداعها، أو ضمانها، أو استثمارها، أو نقلها، أو تحويلها، أو التلاعب في قيمتها، إذا كانت متحصلة من جريمة من جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة، وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الأشخاص، وجرائم استيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص، والجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، وجرائم سرقة الأموال أو اغتصابـها، وجرائم الفجور والدعارة، والجرائم الواقعة على الآثار، والجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطيرة،

جرائم غسيل الأموال

ويضاف إلي ذلك الجرائم المنظمة التي يُشار إليها في الاتفاقات الدولية التي تكون مصر طرفًا فيها -سواء وقعت جريمة غسل الأموال في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقبًا عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي- متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه، أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك، أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال؛ كما هو منصوص عليه في القانون رقم80/ 2002م ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 951 لسنة 2003م، بشأن مكافحة غسل الأموال في مصر طبقًا لما نصت عليها المادة الأولى فقرة (ب).

وطبقا لفتوي الدار تعد جريمة غسيل الأموال من أكبر الجرائم تأثيرًا على المجتمع: اقتصاديًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا؛ حيث تسبب ضررًا على الدخل القومي، وتدهورًا للاقتصاد الوطني، وتشويهًا للعمليات التجارية، وارتفاعًا لُمعدّل السيولة المحليّة بما لا يتوافق مع كميّات الإنتاج، وإضعافًا لروح المنافسة بين التجار، إلى غير ذلك من الآثار السيئة والعواقب الوخيمة.

وتمر هذه  الجريمة بأكثر من مرحلة للتهرب من المساءلة القانونية وتضليل الجهات الأمنية والأجهزة الرقابية فهناك مرحلة الإيداع؛ وهي الطريقة التي يتمّ بها التخلّص من الأموال غير الشرعية من خلال توظيفها بأساليب شرعية مختلفة، مثل: إيداعها في البنك، أو أحد المؤسسات المالية، أو تحويلها إلى عملة أجنبية وهناك مرحلة التمويه وإخفاء الجريمة؛ وهي القيام بعدة عمليّات مصرفيّة من أجل التصرّف في الأموال وإخفاء مصدرها؛ كتحويلها إلكترونيًّا، أو تحويلها من بنكٍ إلى آخر:

وهناك مرحلة دمج الأموال وإدخالها في العمليات الاقتصاديّة والمصرفيّة؛ وتعدُّ آخر مرحلة في عمليّة غسيل الأموال، بحيث يتمّ إضافة الطابع الشرعي والقانوني عليها؛ كتأسيس الشركات الوهميّة، أو القروض المزيفة، ونحو ذلك.

ولم تفت فتوي الدار الإشارة إلي أن غسيل  الأموال يشتمل على محظورين شرعيين

الأول: تعمد اكتساب المال بطريقة محرمة شرعًا، مُجَرَّمة قانونًا، وذلك مما شدد الشرع الشريف على حرمته، قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وعن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ» متفق عليه.

إدخال المال المكتسب من الحرام في مشاريع استثمارية

أما المحظورالثاني فيتعلق  تعمد إدخال المال المكتسب من الحرام في مشاريع استثمارية، أو أعمال لها صفة قانونية، بهدف التهرب من المساءلة القانونية عن مصدر اكتسابه، وهذا حرام أيضًا؛ لأنه لم يصبح ملكًا حقيقًّا لمن يحوزه، حتى يحق له التصرف فيه بالبيع، أو بالشراء أو الاستثمار، أو بأي صورة من صور المعاملات المالية الجائزة، وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز للمسلم التصرف فيما لا يملكه، وأن ما لا يصح ملكه لا يصح بيعه أو التصرف فيه، بل يجب رده إلى صاحبه.

وعلى ذلك ووفقا لاجتهادات أهل العلم : فإن التحايل على الشرع والقانون باستخدام الأموال المكتسبة من محرم في أوجه مشروعة يزيد صاحبها إثمًا وجرمًا، ولا يرفع عنه المساءلة الشرعية ولا القانونية.

كما أن في هذه التسمية ذاتها تدليسًا وتلبيسًا؛ إذ هي تسميةٌ للأشياء بغير أسمائها التي تدل عليها؛ فالغسل كلمة عربية تدل على التطهير والنظافة، وتطهير المال إنَّما يكون بإخراج الحقوق فيه؛ من زكاةٍ، وصدقةٍ، ونفقةٍ، وغيرها مما يزيده نماءً وبركة؛ قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: 102].

أما ما يطلق عليه غسيل الأموال أو تبييضها فلا علاقة له بتطهير المال، وتغيير الاسم لا يغير حقيقة المسمى ولا يزيل حكمه؛ لأن العبرة في الأحكام بالمسميات لا بالأسماء.

وقد سبق التشريع الإسلامي جميع القوانين الوضعية في تحريم الحيل التي يحاول أصحابها إبداء الشيء المحرم في صورة المباح المشروع؛ تهربًا من العقوبة.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» أخرجه ابن بطة في "إبطال الحِيل"، وقال الحافظ ابن كثير: "إسناده جيد".

ومن الأمثلة على تحريم الحيل لتجاوز حدود الله تعالى من السنة النبوية: نصه صلى الله عليه وآله وسلم على حرمة التحايل على تحريم الميتة، بإذابة زيوتها أو شحومها لاستخدامها أو بيعها، وكذلك تغيير اسم الخمر إلى أسماء أخرى لاستحلالها.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ»، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة؛ فإنها تطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لَا، هُوَ حَرَامٌ»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ؛ إِنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» متفق عليه.

وكذلك نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا، فَبَاعُوهَا» متفق عليه. أي: أذابُوهَا بالنار ليزول عنها اسم الشحم.

غسيل الأموال والصيد يوم السبت

وافادت الدار بأن تقنين الأموال المحرمة بإدخالها في مشاريع جائزة تهربًا من العقوبة، هو أشبه بفعل اليهود الذين نهاهم الله عن الصيد يوم السبت، فنصبوا شباكهم يوم الجمعة، حتى يلحق بها الصيد يوم السبت، ثم أخرجوها من الماء يوم الأحد؛ مخادعة -في زعمهم- لله تعالى وتحايلًا في استباحة الصيد، فلم يمنعهم ذلك من العقوبة، ولم يرفع عنهم الجزاء، فكذلك تكسب المال من أوجه غير مشروعة ثم تقنين ذلك بالأوجه المشروعة لا يرفع الإثم عن فاعله.

واستدلت الدار علي هذه الحرمة بقوله  تعالى: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ" "البقرة: فعملية غسل الأموال حرام بشِقَّيْها: شق الاكتساب، وشق التحايل للتهرب من المساءلة.

كما أنها حرام لما يترتب عليها من أضرار اقتصادية بالغة تتعارض مع المقاصد الشرعية؛ إذ إن حفظ الأوطان مقصد شرعي مرعي، يأثم من يخل به، قال تعالى: ﴿ِوَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: 60]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف: 5665.

اقرأ أيضا:

لا يلدغ المرء من جحر مرتين.. هل أمر أم نهي؟وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ» رواه الدارقطني في "سننه"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وخلصت الفتوي في النهاية للقول: فإن ما يُطلق عليه غسيل الأموال بدأ بمحظور شرعي، وهو التكسب من الجرائم والمحرمات، وانتهى إلى محظور شرعي، وهو تصرف من لا يملك فيما لا يملك، وما لزم عن ذلك من حرمة المعاملة التي بنيت على محرم؛ لأن ما بني على حرام فهو حرام، وآل إلى محظور شرعي وهو الإضرار بالأوطان؛ لما في استباحة غسل الأموال من تهديد الاقتصاد الوطني، فضلًا عن أن ذلك قد يستخدم في تمويل الحركات الإرهابية؛ مما يعود بالضرر الكبير على أمن الوطن وسلامته، كما أنه تحايل وتدليس وكذب حرَّمه الشرع، وعليه فإن غسيل الأموال بكل صوره محرم شرعًا ومجرم قانونًا

الكلمات المفتاحية

غسيل الاموال غسيل الاموال في ميزان الشريفة تحريم غسيل الاموال انواع غسيل الاموال دار الافتاء المصرية

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled لأن ما بني على حرام فهو حرام، وآل إلى محظور شرعي هو الإضرار بالأوطان؛ لما في استباحة غسل الأموال من تهديد الاقتصاد الوطني، فضلًا عن أن ذلك قد يستخدم ف