قد يتصور البعض أن مرض القلوب يقف عند المشاكل التي تحتاج لتدخل الأطباء، بينما هناك عيوب في القلوب تحتاج لأمور أخرى لا يملكها الأطباء، وقد قال أحد العارفين بالله: «إن دواء القلوب خمسة أشياء.. قراءة القرآن بالتدبر.. وخلاء البطن بالصيام.. وقيام الليل.. والتضرع عند السحر.. ومجالسة الصالحين».
وقد نهى ربنا سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم عما يوغر الصدور ويبعث على الفُرقة والشحناء، فقال ربنا جل وعلا: « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ » (الحجرات: 12).
تنظيف القلب
أيضًا للوصول إلى طمأنينة القلب على المرء أن ينظف قلبه أولا بأول من أي شوائب قد تملأه، خصوصًا إذا كانت هذه الشوائب تحمل ضغائن من حقد أو حسد أو غل.
فقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث»، فصاحب القلب النظيف الذي لا يحسد ولا يحقد، يُقبل الله جل وعلا عليه بفضله ورحمته ولطفه وكرمه فيمتلأ قلبه بالطاعة، فهو يسرع إلى الخير، ويكون سباقا إلى كل فضيلة ومن تم فهو عند الله من أفضل الناس كما أخبر بذلك النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن أفضل الناس، فقال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا : صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو النقي، التقي، لا إثم عليه ولا بغي ولا غل ولا حسد».
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعالقلب السليم
فكيف تأتي عزيزي المسلم بالقلب السليم؟، يأتي ذلك من خلال الزود عما في أيدي الناس، والتفكير في الآخرة، قال سبحانه: « يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » (الشعراء: 88، 89).
لذا فقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام، يقول في دعاءه: « وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » (الشعراء: 87 - 89).. أيضًا على المسلم أن يتبع الذكر فإنه الدواء الناجع لأي مرض في القلوب، إذ يزيل أولا بأول أي شوائب تعلقه بالدنيا، قال تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد 28)، فمن سلم قلبه من وساوس الحقد والضغينة والكره والبغضاء، واتسع صدره للناس نال الفوزين (الفوز برضا الله) والفوز بحب الناس، وهل هناك أفضل من ذلك؟.. بالتأكيد لا.