صلة الرحم من أعظم الأعمال، لما فيها من الأجر العظيم، الذي حثّت عليه الشريعة الغراء، ومن ذلك ما جاء في الآثار أن صلة الرحم تبسط الرزق وتنسأ في الأجل- أي تؤخر في الأجل".
وحول مسألة تأخير الأجل بسبب صلة الرحم، أجاب العلماء عن كيفية بسط الرزق وتأخير الأجل في عدة فوائد:
1-قال النووي - رحمه الله تعالى - في شرح مسلم: بسط الرزق بتوسيعه وكثرته وقيل بالبركة فيه، وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور، وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".
2- وأجاب العلماء بأجوبة، منها وهو أصحها أن هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، أو بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ ونحوه، فيظهر لهم أن عمره ستون سنة مثلا إلى أن يصل رحمه، فإن وصلها يزاد له أربعون وقد علم الله تبارك وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو من معنى قوله " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب".
3- وأما بالنسبة إلى علم الله تعالى وما سبق به قدره فلا زيادة بل هي مستحيلة. وأما بالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين فتنعقد الزيادة وهو مراد الحديث.
4- ينبغي للعاقل أن يبادر إلى صلة ذي الرحم المعرض وأن يدفع ما عنده من الضغن والبغضاء، بالإحسان والإعطاء، وأن يقتل شيطان حقده وحسده، بسهام بره وموالاته وتفقده، كما قال تعالى "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حمي".. فكيف بالحميم الذي هو القريب.
5- قال الإمام المحقق ابن القيم في إعلام الموقعين: «وسأله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن ويسيئون، وأغفر ويظلمون أفأكافئهم؟ فقال لا إذن تكونوا جميعا ولكن خذ الفضل وصلهم فإنه لن يزال معك ظهير من الله ما كنت على ذلك» رواه الإمام أحمد.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن «رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» .
وقوله المَلّ :هو الرماد الحار، يعني كأنك تسفي في وجوههم الرماد الحار.
وقال ابن الأثير في النهاية: أراد إنما تجعل الملّ لهم سفوفا يستفونه.. يعني أن إعطاءك إياهم حرام عليهم ونار في بطونهم.
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسنات