يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).
ومن أبرز هذه الأسماء التي وردت في القرآن الكريم، إلا أن كثير من الناس يغفلون عنها، ولا يعرفون معناها، اسم الله (الحكيم)، وهو مشتق من (حكم) أي أتقن كل شيء، ولذلك نقول ‘ن هذا الشيء مُحكم، وحَكم أي قضى بين الناس بالحق وحَكم أيضًا بمعنى ضَبطَ.
فالحاكم قد تطلق على الضابط الذي يضبط الأمور في علو، والحاكم تطلق على من يفُض النزاع بين الناس أي القاضي، والحاكم تطلق على من أنشأ شيء محكمًا، والله سبحانه وتعالى حكيم بكل هذه المعاني لأنه استعمل صيغة المبالغة، لذلك لابد علينا جميعا أن نلجأ إليه.
معنى الحكيم
ومعنى اسم الله الحكيم، أنه يحكم قانونه العادل على خلقه، فلا حاكم إلا الله، ولا يجوز تحكيم قانون ولا نظام سوى حكم الله، قال تعالى: «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» (المائدة:50)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ » (الشورى:10).
ولذلك كانت أحكام الله الكونية والشرعية والجزاء مقرونة بالحكمة ومربوطة بها، فلم يخلق سبحانه شيئًا عبثًا، وإنما كل شيء خلقه بقدر «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ . فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» (المؤمنون:115-116)، وما أمر الله بشيء إلا لحكمة، قال تعالى: «وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ» (ص: 27).
اقرأ أيضا:
إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمعأحكم الحاكمين
والله عز وجل هو أحكم الحاكمين، قال تعالى: «أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ» (التين:8)، وهو أيضًا خير الحاكمين، قال تعالى: « فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ» (الأعراف من الآية:87)، كما أن الرسالة المحمدية إنما أساسها الحكمة، قال تعالى: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ » (الجمعة:2).
فالله حكيم في أقداره، فما يقدره الله تعالى على العباد من خير أو شر إنما هو لحكمة بالغة، وتدبير حكيم، قال تعالى: «حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ» (القمر:5)، فله سبحانه الحكمة البالغة في كل ما قدره وقضاه من خير و شر، وطاعة ومعصية، وحكمة بالغة تعجز العقول عن الإحاطة بها، ذلك أن هذه الحكمة تتمثل في القرآن الكريم لاشك، قال تعالى: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» ( يس:1-2).