دار الافتاء المصرية َردت علي هذا التساؤل بالقول : حث الشرعُ الشريف على الستر؛ لأنَّ أمور العباد الخاصّة بهم مبنيةٌ على الستر؛ فلا يصحّ من أحد أن يكشف ستر الله على غيره حتى ولو كان ذلك معصيةً؛ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه مسلم، وفي رواية لابن ماجه: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
ووفقا للفتوي المنشورة علي بوابتها الاليكترونية استدلت الدار بالحديث النبوي الشريف َمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ». قال الإمام أبو عمر ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 337، ط. مؤسسة قرطبة): [وفيه أيضًا ما يدلّ على أنَّ الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضًا في غيره] اهـ.
وفي هذا السياق قال عليش المالكي في "منح الجليل" (3/ 408، ط. دار الفكر): [يجب ستر الفواحش على نفسه وعلى غيره لخبر: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ»] اهـ.
واضافت الدار إنَّ نشر خصوصيات الناس فيه اعتداءٌ صريحٌ على حقوق الناس الأسرية والمجتمعية الخاصة والعامة؛ وهذا مذمومٌ شرعًا، وهو أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018م، والخاص بـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"؛ فقد جَرَّم المُشَرِّع المصري في هذا القانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائي للمحتوى المعلوماتي غير المشروع؛
وتابعت الفتوي :ففي المادة (25) من القانون المشار إليه نَصَّ على: [يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَن اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة..] اهـ.
وخلصت الدار في نهاية الفتوي للقول : فقد حثَّ الشرع الشريف على الستر والاستتار؛ ممَّا يدلّ على فضل الستر على الناس والحفاظ على حرماتهم.
وفي نفس السياق ردت لجنة الفتوي بمجمع البحوث الاسلامي علي تساؤل مماثل بالقول :اصحاب المعاصي صنفان، أحدهما مستتر بمعصيته ، ولم يشتهر بالشر والفساد فهذا يندب ستر أمره عن الخاصة والعامة، حاكما أو غيره، مع وعظه وتذكيره وإعانته على التوبة، هذا إن كانت ذنبا قد ألم به،
واستدركت اللجنة في الفتوي قائلة :أما إن كانت معصية متلبسا بها فيجب المبادرة بإنكارها ومنعه عنها ولو لزم رفع الأمر للحاكم، ولا يجوز السكوت عليها بحال. أما من اشتهر فسقه وجاهر بمعصيته، فهذا يندب فضح أمره ليكون الناس منه على بينة، ليتقوا شره ويرفع أمره للحاكم ليرتدع بسطوة السلطان إن لم يردعه حياؤه من الناس. ويستثنى مما سبق ما يتعلق بجرح الرواة والشهود والأمناء على الأيتام فلا يجوز إخفاء أمرهم بل يتعين جرحهم عند الحاجة ولا يعد ذلك غيبة بل هو من النصيحة الواجبة.
اقرأ أيضا:
لا يلدغ المرء من جحر مرتين.. هل أمر أم نهي؟أجمع العلماء في هذا السياق على أن من اطلع على عيب، أو ذنب، أو فجور لمؤمن من ذوي الهيئات، أو نحوهم ممن لم يعرف بالشر، والأذى، ولم يشتهر بالفساد , ولم يكن داعيا إليه , كأن يشرب مسكرا، أو يزني أو يفجر متخوفا متخفيا، غير متهتك ولا مجاهر يندب له أن يستره , ولا يكشفه للعامة أو الخاصة , ولا للحاكم أو غير الحاكم , للأحاديث الكثيرة التي وردت في الحث على ستر عورة المسلم والحذر من تتبع زلاته ,
واستدلت اللجنة بعدد من الأحاديث النبوية الشريفة وفي مقدمتها: قوله صلى الله عليه وسلم: (من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) وفي رواية (ستره الله في الدنيا والآخرة)” وقوله صلى الله عليه وسلم: ( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم). وقوله صلى الله عليه وسلم: (من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة , ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته