جميعنا يسقط في المعاصي، وهو يتمنى لو يخرج منها سريعًا، لكن لا يعرف كيفية حدوث ذلك، إذ يستمر الشيطان في غوايته حتى لا يعود إلى طريق الله عز وجل، كما لا تطاوعه نفسه أحيانًا في التوبة، فكيف بنا نتعلم طرق الخروج من المعاصي؟.
بدايةً علينا أن نعي ما هي التوبة الحقة، فهي العودة إلى الله عز وجل والإقلاع عن الذنب والابتعاد عنه، مع ضرورة ندم القلب على ما اقترف، والعزم على عدم العودة إلى ما اقترف من ذنب، فالتوبة أصل من أصول الإسلام ، فلا ينبغي أن نمَل من كثرة التوبة ولا أن نمل من الإقلاع عن الذنب فالله يحب من عبده إذا أخطأ أن يرجع عن خطأه ولو تكرر منه الخطأ ، فالإنسان يحتاج للتوبة دائمًا.
فلسفة التوبة
يقول أهل العلم: إن التوبة فلسفة كبيرة في عدم اليأس وتجديد الحياة والنظر بأمل إلى المستقبل ، وأن لا ننظر للماضي ونقف عنده بإحباط، بل نتعلم دروسا لمستقبلنا، فالتوبة رقابة ذاتية تعلمنا التصحيح تعلمنا توخي الحذر في المستقبل ، تخرج الإنسان من الذنب كأنه لم يفعل ذنبا قط، والله سبحانه وتعالى، حث عباده على التوبة قبل حلول الأجل.
قال تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ » (آل عمران: 135)، فقد دعا سبحانه وتعالى جميع عباده إلى التوبة، فقال لهم جميعًا: « أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » (المائدة: 74).
فالتوبة الصادقة تُحيي القلب وتُدخل الأنوار وتقبل بالعبد على ربه، بل أن سبحانه دعا للتوبة فرعون مع زعمه أنه لا إله غيره، وأنه ربهم الأعلى فقال لموسى وهارون: « اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى » (طه: 43، 44).
التوبة واجبة
التوبة واجبة على الجميع، مهما كان الذنب، على الإنسان ألا ييأس من ربه، لأن رحمته وسعت كل شيء.
في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه و عليها طعامه و شرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي و أنا ربك! أخطأ من شدة الفرح».
ومما لاشك فيه أنه مما يعين المؤمن على الخروج من الفتن كتاب الله عز وجل وترك ما لا يفيد، فبالعلم والتقوى ينجو الإنسان من كل أشكال الفتن.
اقرأ أيضا:
هل تتذكر حين كنت تناجي ربك سرًا؟.. نعم سمعك ولن يخذلك