يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).

ومن هذه الأسماء التي يجب علينا معرفة معناها (الشهيد)، وقد ورد في كثير من النصوص القرآنية كما في قوله تعالى : « قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ » (سبأ:47)، وفي قوله تعالى : « أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ » (فصلت:53)، وكلمة شهيد على وزن فعيل ، وتَصلح في اللغة العربية لاسم الفاعل واسم المفعول، ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو الشاهد ، على وزن فاعل، شاهد لأنه يرانا في ظاهرنا ويرانا في باطننا وهو اعلم بذات الصدور ، وهو أيضًا مطلع سبحانه وتعالى على حركة النملة العمياء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فالله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وبكل شيء عليم.

يرانا ولا نراه

فالله سبحانه وتعالى يرانا ولا نراه، وهنا الإحسان بأن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك، ومن ثمّ فإن شاهد هنا بمعنى أنه يرى لأنه هو السميع البصير ، وبمعنى انه سبحانه وتعالى سيشهد على الحقائق يوم القيامة، فهو سبحانه وتعالى شاهد على كل شيء، شاهد على أولئك الذين يفعلون الخير فيما إذا كانوا قد فعلوه لوجه الله تعالى أم أنهم قد فعلوه لسمعة ورياء.

والله سبحانه وتعالى شهيد بمعنى أيضًا أنه مشاهد « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ . إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ»، إذ أننا في يوم القيامة سنرى ربنا سبحانه وتعالى لا بأعيننا وحدقاتنا فإن الله لا يحيط به شيء وليس جسما ولا كونا من الأكوان بل هو رب العالمين ، والرب رب والعبد عبد وهناك فارق بين المخلوق والخالق، ولكن نراه بكيفية أخرى وليست هي كيفية ما نرى به الأشياء، ففي عالم الدنيا ننظر إلى الله سبحانه وتعالى ويمتعنا الله بالنظر إلى وجهه الكريم يوم القيامة فهو هنا مشاهد لكنه لا يرى بالأعين إنما يرى بكل الذات بطريقة أخرى« لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ».

اقرأ أيضا:

إياك والنظر إلى ما بيد الناس.. إذا أردت أن تكون حرًا فاترك الطمع

آيات الوجود 

ومما لاشك فيه أن الله بصفاته يتجلى في خلقه من حولنا، إذ أنه في كل شيء له آية تدل على أنه واحد، فنحن نرى الله سبحانه وتعالى في تجلياته في هذا الكون ، نراه في الطير يغرد ، ونراه في جمال الزهور، ونراه وهو قد وضع الرأفة والرحمة في قلب الأم على وليدها سواء كانت هذه الأم في عالم الحيوان أو في عالم الإنسان، ونراه وهو يدبر هذا الكون الحكيم وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، قال تعالى يؤكد ذلك: «لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً » (النساء:166).