إن الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الأسوة الحسنة والقدوة الأعلى للمسلمين ولكل البشر، وكيف لا وقد وصفه ربه عز وجل بقوله" وإنك لعلى خلق عظيم" ، وفي كل مواقفه فخر وعزة لكل مسلم، إذ أن النبي على خلق عظيم، أدبه الله عز وجل فما أعظم التأديب، وكان في قلبه رحمة كبيرة وعطف على كل من حوله، وخير مثال على ذلك، قصة الرسول مع الطفل الذي مات عصفوره، ومن بين مواقف النبي صلى الله عليه وسلم:
حكى أبي هريرة إنه خرج من بيته جوعاً باحثاً عن الطعام، فصد المسجد وفي طريقه قابل جماعة من صحابة رسول الله رضي الله عنهم وأرضاهم، فقالوا له ما أخرجك يا أبي هريرة من بيتك في هذه الساعة، قال خرجت جوعاً، قالوا ونحن أيضاً ما أخرجنا إلا الجوع، فذهبوا جميعاً إلى المسجد ليجدوا رسول الله، فسألهم صلى الله عليه وسلم، ماذا أخرجكم قالوا أخرجنا الجوع، فأتى بطبق من التمر ومنح كل منهم تمرتين، وقال كلوا هاتين التمرتين وأشربوا الماء فإنهما سيجزيانكم يومكم هذا، فقال أبي هريرة إنه اكل تمره وخبأ الأخرى في حجره، فرآه الرسول صلى الله عليه وسلم، وسأله لماذا رفعت التمرة، قال يا رسول الله رفعتها لأمي فقال له الرسول، كلها فإنا سنعطيك لها تمرتين.
بعد ثمان سنوات من الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة، وبعد أن أنتصر الرسول الكريم على كفار قريش عاد النبي إلى مكة فاتح منتصر مهلل مع المسلمين رافعين راية الإسلام ، فوقف جميع أهل مكة خائفين مرعوبين من أفعالهم يفكروا فيما سوف يفعله بهم النبي الكريم بعد أن عذبوه وأخرجوه من بلاده مقهوراً مظلوم، واليوم مكنه الله من الأرض وعاد لمكه مرفوع الرأس منصور كريم، فظن أهل مكة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن ينتقم منهم ويرد الأذى، ويرد المواقف السيئة التي فعلوها معه حيث إنهم أهالوا التراب على رأسه وحصاروه ثلاث سنوات حتى جعلوا الحبيب المصطفى يأكل الشجر هو ومن معه من أصحابه وأتباعه، وكانوا يريدوا أن يقتلوه، فقد فعلوا المؤمرات التي أفسدها الله بقدرته فالله لا يفلح الظالمون.
عزب كفار مكه الصحابة وأخذوا أموالهم واستباحوا ديارهم، وأجلوهم من البلاد التي نشأ كل منهم وتربوا فيها فلم يكن أبداً الأمر سهل، خاصة أن صحابة رسول الله كانوا أغلبهم من التجار وأصحاب المهن والديار، ولكن كل ذلك هان أمام كفة دينهم الرابحة، ولكن كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عظيم، فقد خابت كل الظنون السيئة فيه، وضرب خير مثال للمسلم في العفو عند المقدرة، فلم يفكر الرسول أبداً في الانتقام برغم قدرته على ذلك، إلا إنه أراد أن يعلم المسلمين والأمة كلها موقف تربوي عظيم، إذ قال لهم الحبيب المصطفى” ما ترون أني فاعل بكم؟، قالوا أخ كريم، وابن أخ كريم، قال صلى الله عليه وسلم”أذهبوا فأنتم الطلقاء.
الرسول صلى الله عليه وسلم له العديد من المواقف الإنسانية التي بلغنا بها من قبل الصحابة والاتباع، وهناك آلاف المواقف التي لا نعلم عنها شيء، لأن النبي كريم أدبه الله خير تأديب وأحسن خلقه وخلقه، ومن بين مواقف الرسول الإنسانية:
في غزوة بدر وهي من أهم غزوات المسلمين، ضرب الرسول الكريم خير مثال في الإنسانية واللطف فالرسول دوماً كان راغب في الشورى والمساواة وكان يطبقها في كل الظروف حتى في غزوة بدر، ومن المفترض إنه القائد وهو صاحب الوحي، فالله تعالى يخبره بما لا يعلم أحد غيره ولكنه طبق الشريعة في أمر الشورى، ولم يطبقه مرة واحدة ولا اثنتان ففي غزوة واحدة طبق الرسول الشورى أربعة مرات في مظهر حضاري وإنساني لا مثيل له، فكيف له وإنه الرسول والنبي الذي انزل الله عليه الدين الحق بأن يستشير؟! ولكنه خير مثال للتواضع وتطبيق الشريعة وتقدير من حوله من البشر ومنحهم كافة حقوقهم التي اقرها الله لهم.
فاستشار الرسول أصحابة في المرة الأولى حين خرج ليلحق العير، والثانية عندما عرف بأمر قريش وخروجهم لحماية أموالهم، وفي المرة الثالثة في استشارة أصحابه ومن معه في أفضل البيوت في بدر، والرابعة حين استشارهم في موضوع الأسرى، فكان يتعجب الصحابة ويقولوا له إنه رسول الله ولكن تواضعه وخلقه ودينه كانوا يسمحوا له بالتعاون ونشر المحبة وبث روح الجهاد والدفاع عن الإسلام في كل من حوله.
الرسول الكريم كان شديد الحياء فلا يخجل احد ولا يجرح أحد ولا يكسر خاطر ولا ينقض عهد، فهناك مواقف تربوية من حياة الرسول مع الأطفال والكبار لا حصر لها ومن بين مواقفه الكريمة:
• الرسول لا يحرج أحدًا
حكى أنس بن مالك إنه كان يحضر شربة للرسول يفطر عليها وشربة أخرى لوقت السحر، وأحياناً كانت واحدة فقط، ففي ليلة من الليالي قام أنس بتحضير الشربة ولكن الرسول قد تأخر فظن أنس أن أحد من صحابة الرسول دعاه ليشربها معه، فشربها أنس، فآتى النبي بعد العشاء بوقف فسأل أنس من كانوا مع الرسول هل الرسول فطر مع احد أو دعاه أحد، فقالوا لا، فحزن أنس بن مالك حزن شديد ونزل عليه الغم خوفا من أن يطلبها الرسول أو يسال عليها ولم يجدها، أو يبات جوعاً، فقال أنس ولكن النبي أصبح صائم ولم يسأل عن الشربة إلى الآن ولم يذكرها أبداً، بحسب "المرسال".
من بين مواقف الرسول التي تدل على خلقه العظيم:
• الوفاء بالعهد
إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان خير مثال للوفاء بالعهد وكان لا ينقده ولو على رقبته، حتى وإن كان العهد من الكفار أو المشركون، فلم يخلف الرسول عهده، وفي العام السادس هجرياً برم الرسول مع المشركين صلح الحديبية وكان احد شروط العقد أن غذا أسلم احد من المشركين رده الرسول صلى الله عليه وسلم، بعدها جاء رجل يسمى أبو جندل بن سهيل رضي الله عنه وأعلن إسلامه، فرده الرسول إلى قومه، فقال للمسلمين أخاف يا معشر المسلمين أن يفتني قومي ويردوني عن الإسلام، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجاً ومخرجا.
• تعاون الرسول مع أصحابه وعظمة خلقه
حكى حذيفة بن اليمان أنه ذهب مع النبي صلى الله عليه وسلم، إلى بئر من اجل أن يغتسل كل منهم، ولكن لم يوجد عند البئر ساتر، فأخذ بن اليمان الثوب، فستر النبي حتى يغتسل وبعدها انتهى النبي، أخذ الثوم ليستر حذيفة بن اليمان يغتسل هو الآخر، ولكن حذيفة أبى، وقال بابي أنت وأمي يا رسول الله، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض وقال”ما اصطحب اثنان قط إلا وكان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه”، فكان خير صديق وخير مثال للمسلم الصادق الأمين الحق.
اقرأ أيضا:
أول جمعة بالمدينة.. ماذا قال فيها النبي؟اقرأ أيضا:
آخر من يدخل الجنة.. النبي يضحك من حواره مع رب العالمين