القلوب اللينة هي القلوب هي الرقيقة الرحيمة الوجلة وهي القلوب الصالحة القريبة من الله، التي تخشع إذا سمعت القرآن يتلى؛ فتنتفع بالذكرى، وتزداد من الهدى، وتشتمل على التقوى، وتلكم هي القلوب المرحومة التي تحرم أجسادها على النار، وتفتح لها أبواب الجنة، ونعم دار المتقين الأخيار
وقدد عدد القرآن الكريم مناقب العبد المؤمن فربطه بالقلب الصالح وهوالقلب الخاشع اللين الوجل عند ذكر الله، الرحيم الرقيق لعباد الله، وهو الموعود بكل خير من الله في دنياه وأخراه: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" [سورة الأنفال:2-4]، (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) [سورة الرعد: 28-29
وقد حث الله رسوله الكريم علي ليونة القلب والرقة في التعامل مع أصحابه حيث قال تعالى: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" "آل عمران: " 159 وهذه الآية الكريمة تتحدث عن مظهر من مظاهر رحمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو لينه ورفقه بأصحابه الذين لم يأتمروا بأمره، ولم يستجيبوا لنصحه يوم أحد حيث فروا وتركوه .
ولأهمية القلب كأهم أعضاء الجسم قال رسول الله : "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم". رواه مسلم. وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الحلال بيِّن وإن الحرام بين...". الحديث، وفيه قال –صلى الله عليه وسلم-: "ألا وإن في الجسد مضغة؛ إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب".
أما عن كيفية تليين القلب فقد أجمع الفقهاء وأهل العلم علي مجموعة من الطاعات والقربات التي يجب أن يلتزم بها العبد المؤمن ليكون قلبه لينا ورقيقا في التعامل مع اهله وذويه واقرانه منها ضرورة التقرب من الله سبحانه وتعالى من خلال الصلوات وقراءة القرآن الكريم، وذلك لأن الإنسان القريب من ربّه يلين قلبه خوفاً منه.
ثاني الطاعات التي يجب التقرب من الله خلالها ليلين قلبك تتمثل في الابتعاد عن المحرمات والملذات المادية والزائلة.
كذلك ينبغي التركيز علي ذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأوقات، حيث أكّد في القرآن الكريم أن ذكره يطمئن القلوب. التعمّق في الآيات القرآنية الكريمة وفهمها، فإنّ التعمّق فيها يؤدّي إلى خشوع القلب واطمئنانه.
قراءة القرآن بما يتضمنه من آيات الرحمة والعذاب من وسائل تليين القلوب لما فيه آيات العذاب، وآيات تصف النار وما فيها من عذاب، وآيات تصف الجنة وما فيها من نعيم، وصاحب القلب القاسي يجب أن يلين قلبه عند آيات الرحمة والجنة، أو يخاف من آيات العذاب في النار،
وقد قال الله تعالي في محكم الآيات "لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ". فالجبال على عظيم خلقها تتصدع وتخشع من آيات الله -تعالى- فالقلب القاسي إذا قرأ القرآن وتتدبر آياته يجب أن يخشع ويذل ويخضع لله -تعالى-، قال -تعالى-: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ" فالقرآن الكريم لمن حافظ على تلاوته ومذاكرته يُذهب قسوة القلب
الاستغفار والتوبة يبدوان حاضران بقوة ضمن وسائل تليين القلب انطلاقا من إن ارتكاب المعاصي، وتكرارها مع ترك التوبة والاستغفار يُورث قسوة القلب، فقسوة القلب هنا عقوبةٌ ونتيجةٌ لترك الرجوع إلى الله -تعالى-، يقول الله -تعالى-: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، فمهما عظمت الذنوب التي كانت سبباً في قسوة القلب فإن الله يغفرها للتائب المستغفر.
اقرأ أيضا:
أقسم به وفضله على غيره.. أسرار وثواب وفضل يوم عرفة ولماذا اختاره الله للحج الأعظم؟ولا يغيب عن في هذا السياق تجاهل تذكر الآخرة، كأحد ادوات لين القلب وذلك من خلال تذكر أنّ هناك حساب، وأنّه لا بدّ من وجود الجنة أو النار، بالإضافة إلى تذكر أن الحياة فانية وزائلة وما هي إلا متاع للغرور.
كان من المثير حقا ضمن وسائل تليين القلوب التركيز علي زيارة المقابرحيث يوجد العديد من الفوائد لزيارة المقابر وهي: تذكر الموتى، وتذكر الحياة الآخرى، وتليين القلب.
الانفاق في سبيل الله امر مهم جدا لتليين القلوب ومن السهل هنا أن أن يلجأ العبد المؤمن إلى العلاج الذي وصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنْ أردتَ أنْ يَلينَ قلبُكَ، فأطعِمْ المسكينَ، وامسحْ رأسَ اليتيمِ"، فإطعام الطعام فيه بذلٌ للمال، كما إن تفقد حاجات الفقراء والمساكين مما يرقق القلب فيحنو عليهم وينعكس ذلك على قلبه رقةً وليناً. وعند مسح رأس اليتيم يطمع قاسي القلب بأن يكون رفيقاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة