يكثر الجدال حول حضور النساء أي مناسبة فيها رجال، فترى من يتحدث من أن الأصل عدم وجودهن بالأساس منعًا للاختلاط، وينسى هؤلاء أن النساء يطفن حول الكعبة بحضور الرجال.
ومن ثم فقد أكد العلماء أن وجود النساء في المناسبات جائز طالما لم يحدث لمس أو خلوة (غير شرعية) بين رجل وامرأة وحدهما، وهذا هو الممنوع بين الرجال والنساء، أما وجود النساء في مكان واحد مع الرجل فجائز إجماعًا، مثل وجودهم معا فى الطواف حول الكعبة، ووجودهم معًا في الطائرة، ووجودهم معًا في أي مكان لم يمنعه دليل شرعي.
وأجابت دار الإفتاء المصرية، على هذا التساؤل، بأن الاختلاط بين الرجال والنساء جائز بضوابط، فإذا أخل بهذه الضوابط فيحرم، وأول هذه الضوابط عدم خلوة الرجل بالمرأة، والخلوة المحرمة هي خلوة الرجل بامرأة أجنبية عنه في مكان يأمنان فيه من اطلاع الناس عليهما، كبيت مغلق الأبواب والنوافذ.
الخلوة الجائزة
وأما عن الخلوة الجائزة بين الرجل والمرأة، فقد بينها العلماء في أنها تجوز بخلو عدد من الرجال بامرأة أجنبية عنهم، وخلو عدد من النساء مع رجل، فإن مثل هذه الخلوة لا يصدق عليها اسم الخلوة.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغِيبَةٍ إِلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوِ اثْنَانِ»، فهذا الحديث يدل على جواز خلوة الرجل بالمرأة إذا كان معه رجل آخر وكانا صالحين، لانتفاء الخلوة المحرمة حينئذ، ومما يؤكد هذا المعنى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، فَخَلَا بِهَا».
ومن ثم فإن الخلوة هنا بمعنى انفراد رجلٍ بامرأة في وجود الناس بحيث لا تحتجب أشخاصهما عنهم، بل بحيث لا يسمعون كلامهما، فهذا اختلاط مباح، ولكن إن كان هؤلاء الرجال ليسوا محل ثقة فلا يجوز الاختلاط بهم، والعكس كذلك.
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنةالاحتشام في الملبس
الأساس في الضوابط التي يبينها الشرع الحنيف، أن تكون المرأة في زي محتشم، ولا تتفوه بكلمات يفهم منها (التمايل)، فيطمع الذي في قلبه مرض، ومن هذه الضوابط أيضًا، احتشام المرأة وسترها عورتها، -وعورتها جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين-، وعدم جواز نظر الرجل بشهوة إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل كذلك، وعدم العبث بملامسة الأبدان كما يحدث في بعض المناسبات.
يقول الإمام النووي رحمه الله: «والمشهور جواز خلوة رجل بنسوة لا محرم له فيهن؛ لعدم المفسدة غالبًا، لأن النساء يستحين من بعضهن بعضًا في ذلك».