الجواب:
دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل قائلا :لا مانع شرعًا من إنابة مثل هذه المؤسسات الخيرية في ذبح الأضحية ولو في غير بلد المضحي، ثم تنقل الأضاحي إلى مصر لحمًا بعد ذبحها لتوزيعها على المحتاجين، والعبرة في وقت التضحية بالمكان الذي تذبح فيه الأضحية. كما يجوز للجهة السائلة استبدال اللحوم باللحوم مباشرة من غير توسط عملية بيع نقدي ما دام ذلك محققًا لمصلحة الفقراء والمحتاجين وعائدًا عليهم بما هو أنفع لهم وأكثر زيادة لنسبة استفادتهم من هذه الأضاحي.
في التفاصيل اشارت الدار في الفتوي المنشورة علي بوابتها الاليكترونية الي عديد من النقاط منها : أولًا: اتفق العلماء على جواز الإنابة في ذبح الأضحية إذا كان الوكيل مسلمًا، ولم يشترطوا أن يكون الذبح ببلد المضحي؛ إذ ليس في الشرع ما يدل على اشتراط ذلك، بل إنهم صرحوا بجواز الذبح في غير بلد المضحي؛ سواء كان الذابح هو المضحي أو نائبه أو وكيله. قال الشيخ برهان الدين بن مازه الحنفي في "المحيط" (5/ 665، ط. دار إحياء التراث العربي): [الرجل إذا كان في مصر وأهله في مصرٍ آخر، فكتب إليهم أن يضحوا عنه، فإنه يعتبر مكان الذبيحة، فينبغي أن يضحوا بعد صلاة الإمام في المصر الذي يذبح فيه] اهـ.
وبحسب الفتوي نص الشافعية على جواز ذبحها في غير بلد المضحي، وَعَدُّوا خلاف ذلك وَهْمًا، قال ابن قاسم العبادي في "حاشيته على الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (5/ 170، ط. المطبعة الميمنية): [قال في "الروض": (ونقلها عن بلدها كنقل الزكاة) اهـ. وهو المعتمد وإن نازع الإسنوي فيه، فالمراد بالفقير: فقير بلدها، وينبغي أن يعلم أن المراد ببلدها: بلد ذبحها.
وتابعت الدار قائلة :وقد ظن بعض الطلبة أن شرط إجزاء الأضحية ذبحها ببلد المضحي؛ حتى يمتنع على من أراد الأضحية أن يوكل من يذبح عنه ببلد آخر، والظاهر أن هذا وَهْمٌ؛ بل لا يتعين أن يكون الذبح ببلد المضحي، بل أي مكان ذبح فيه بنفسه أو نائبه، من بلده أو بلد أخرى أو بادية: أجزأ، وامتنع نقله عن فقراء ذلك المكان أو فقراء أقرب مكان إليه إن لم يكن به فقراء. فليتأمل] اهـ.
واشارت الدار إلي أن هذا الخلاف إنما هو في نقل الأضحية إذا كانت معينة أو منذورة، أما التوكيل بشراء الأضحية ابتداءً من بلد آخر وذبحها فلا خلاف فيه، وكان أهل جاوا يوكلون في أضاحيهم من يذبحها في مكة المكرمة، وأفتى بذلك العلامة أحمد زيني دحلان مفتي السادة الشافعية بمكة المكرمة -حرسها الله- وذكر أنه لا يدخل في باب (نقل الأضحية).
الدار تابعت قائلة وقد وقفت على سؤال وجواب يؤيد ما ذكرناه لمفتي السادة الشافعية بمكة المحمية، فريد العصر والأوان، مولانا السيد أحمد بن زيني دحلان: وصورة السؤال: ما قولكم دام فضلكم، هل يجوز نقل الأضحية من بلد إلى بلد آخر أم لا؟ وإذا قلتم بالجواز، فهل هو متفق عليه عند ابن حجر والرملي أم لا؟ وهل مِنْ نَقْلِ الأضحية إرسال دراهم من بلد إلى بلد آخر ليُشترَى بها أضحية وتذبح في البلد الآخر أم لا؟ وهل العقيقة كالأضحية أم لا؟ بينوا لنا ذلك بالنص والنقل، فإن المسألة واقع فيها اختلاف كثير، ولكم الأجر والثواب. ـ.
وبناء على ذلك: فيجوز للجهات السائلة ذبح الأضاحي في أي بلد خارج مصر، كما استفاضت بذلك نصوص الفقهاء، كما أنه يجوز أيضًا نقلها إلى مصر لحمًا بعد ذبحها لتوزيعها على المحتاجين؛ أخذًا بالقول الذي يجيز نقل الأضحية بعد ذبحها، خاصة في هذا العصر الذي تيسرت فيه وسائل نقل الأطعمة مع الحفاظ عليها من الفساد والتغير؛ وذلك توخِّيًا للمصلحة الشرعية في توزيع الأضاحي على الفقراء والمحتاجين؛ حيث إن البلاد التي يتم فيها الذبح لا يوجد فيها فقراء مسلمون يحتاجون إلى هذه الكميات الكبيرة من الأضاحي، والقول بعدم جواز النقل مشروط بوجود الفقراء هناك.
من ناحية أخري ردت لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية علي تساؤل نصه :هل يجوز حجز جزء من مال الزكاة لعمل أضحية؟
اقرأ أيضا:
لاتقاء الحسد.. هل يجوز ادعاء الفقر؟بالقول فيا أيها السائل لا يجوز تأخير دفع الزكاة إلى مستحقيها بغير عذر، وذلك لأن الزكاة إذا وجبت فقد تعين حق أصحابها في المال المزكي، لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} وهذا في زكاة الزروع ويلحق بها غيرها، وكذلك لا يجزيء على الراجح من أقوال أهل العلم إخراج زكاة المال إلا مالًا، ولا يجزيء أن تخرجها شاة أو تلبسها بعبادة أخرى كالأضحية.
وخلصت الدار في نهاية الفتوي للقول :الزكاة واجبة والأضحية سنة ولا يتداخلان أبدًا، ومصاريف الزكاة غير مصارف الأضحية