إذت صادف يومًا وتعشيت من اللحم، فإياك أن تنام قبل أن تغسل يدك جيدًا، فالأمر جلل، فقد روى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ».

والغمر -حسب العلماء- هو ريح لحم أو دسمة، فأصابه شيء من إيذاء الهوام، وقيل من الجن، لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده في المنام، لرائحة الطعام في يده فتؤذيه، وقيل في معناها: إن الشيطان شديد الحس والإدراك و ( لحاس ) بالتشديد أي يلحس بلسانه اليد المتلوثة من الطعام ( فاحذروه على أنفسكم ) أي خافوه عليها فاغسلوا أيديكم بعد فراغ الأكل من أثر الطعام.

قبل الأكل وبعده

والإسلام عني بالنظافة وحث على ضرورة غسل اليدين قبل الأكل وبعده، فيباح غسل اليدين قبل الطعام؛ ليتفادى ما قد يكون عليهما من الأوساخ.

وأما عن كونه سنة فقد روي رواه الترمذي وأبو داود من حديث سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده»، ومنها حديث: «من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع»، (رواه ابن ماجه، وضعفه الألباني).

ومنها ما رواه القضاعي والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر, وبعده ينفي اللمم» وهذا الحديث ضعفه العراقي والمناوي، واختلف الفقهاء في استحباب وكراهة الغسل إن لم يكن باليدين وسخ، فقد قال ابن قدامة: «يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده, وإن كان على وضوء».

اقرأ أيضا:

تسييس خلافات الصحابة والجرأة عليهم..هذه هي خطورتها

سنة النبي

أما سنة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت فيها أنه كان يغسل يده أحيانًا قبل الطعام، وبالتأكيد بعده، ففي هذه المسألة قولان لأهل العلم أحدهما: يستحب غسل اليدين قبل الطعام، والثاني، لا يستحب، وهما في مذهب أحمد وغيره، والصحيح أنه لا يستحب.

وقال النسائي في كتابه الكبير: باب ترك غسل اليدين قبل الطعام، ثم ذكر من حديث ابن جريج عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرز ثم خرج، فطعم ولم يمس ماء» وإسناده صحيح، ثم قال: باب غسل الجنب يده إذا طعم، وساق من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة, وإذا أراد أن يأكل غسل يديه»، وروي عنه أيضًا صلى الله عليه وسلم، أنه كان يحتز من كتف شاة في يده، فدعي إلى الصلاة، فألقاها من يده، ثم قام فصلى، ولم يتوضأ.