الاستهزاء بالآخرين يمحق البركة ويأكل الحسنات ويورث التباغض والنزاع بين اناس وينشر الكره في الأوساط.
حرمة السخرية:
ولما كانت السخرية بهذه الصفة الخبيثة حرمها الإسلام؛ فالسخرية من الناس حرام، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات:11] .
أي: لا يسخر رجال من رجال، ولا نساء من نساء، لأن الساخر لا يدري، فلعل من سخر منه أعلى وأعظم شأناً عند الله تعالى، ولأن الساخر بسخريته من غيره يضع نفسه في مكانٍ أعلى منه، لأنه لا يسخر منه في أمر إلا وهو يعتقد الكمال لنفسه فيه، فأراد الله أن ينبهه إلى أن ذلك قد يكون على عكس ما يظن، وقد نهانا الله عن تزكية نفوسنا، فقال: (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) [لنجم:32] .
وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) [النساء:49] .
السخرية من ساق ابن مسعود:
وقد يظن البعض ألن الفضل مرتبط بالشكل والمظهر على خلاف الحقيقة فيمدح من مظهره جميلة وخلقته معتدلة فيما يستهزئ من الآخرين وهذا خطأ بين فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مم تضحكون؟)، قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: (والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد)، رواه أحمد.
وفي رواية أخرى: " فنظر أصحابه إلى حموشة ساقيه فضحكوا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (ما يُضحككم ؟ لَرِجْل عبد الله في الميزان أثقل من أُحُد) رواه الطبراني .
فالعبرة إذا بما وقر في القلب من إيمان والأولى ان يحسن المسلم الظن بالناس جميعا ولا يدفعه قلة إيمانه للسخرية من الناس.