الصلاة.. الركن الثاني للإسلام، وقيل هو الركن الأهم لأنه لا يسقط أبدًا مهما كانت ظروف وأحوال العبد، فقد يصلي جالسًا أو قاعدًا، وحتى لو وصل الأمر للشل التام يحرك رموشه بنية الصلاة، ولمّ لا وهي عمود الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين.. إلا أن ما لا يعرفه كثير من الناس أن للصلاة درجات.. فكيف ذلك؟.
إقامة الصلاة لها درجات، أولها إقامتها كما أمر الله تعالى، بأن تتوضأ وتستقبل القبلة وتصلي في مكان طاهر وهكذا.. وثانيها الخشوع، والخشوع نوعان خشوع الجوارح وهو الخشوع الظاهر، وخشوع القلب وهو الخشوع الباطن، فإذا خشع الإنسان ظاهرًا وباطنًا ظهرت عليه آثار الصلاة وهي كما قال تعالى: «وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون» (العنكبوت: 45).
أول ما يسئل عنه العبد الصلاة
الصلاة هي أول ما يُسئل عنه المرء يوم القيامة، ومن ثمّ فهي إذا صلحت صلح العمل كله لاشك، فقد روى الإمام أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ»، قَالَ: " يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ»>
إلا أنه من فضل الله على خلقه وعباده المؤمنين أن الصلاة ما دامت مستوفية لشروطها وأركانها فهي صحيحة، ولا يبطلها قلة الخشوع فيها وهو وقول جمهور الفقهاء أن الصلاة لا تبطل بعمل القلب ولو طال وليس الخشوع من أركانها ولا من شروطها ومن العلماء من عده شرطًا من شروط صحتها ، لكن يقلل من أجرها.
اقرأ أيضا:
رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟مراتب الصلاة
وأمام ذلك، فإن الله عز وجل جعل للصلاة مراتب، كلما زاد خشوع العبد فيها كلما زادت مرتبته ودرجته لاشك، فلا ريب أن خشوع الناس يتفاوت في الصلاة، فمنهم من يتم خشوعه بحيث يستحضر عظمة ربه تعالى، ويتفكر في معاني ما يأتي به من التلاوة والذكر، فتشرق معانيها وأنوارها على قلبه، وينتفع بها الانتفاع العظيم، ومنهم من يكون حضوره وتدبره وتفكره دون ذلك، وهم في هذا الحضور وذلك الخشوع مراتب، لا يحيط بها إلا الله تعالى، وأجورهم على قدر خشوعهم وحضورهم في الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها».