قد لا يدرك بعض الناس أن معصية القلب أخطر من معصية الجوارح مثل اللسان أو اليدين او الفرج أو القدمين، ولكن بوصف حديث النبي صلى الله عليه وسلم فالقلب هو دابة تتسلل بصاحبها إلى جهنم، ولما لا؟! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن القلب فيما ورد عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه.
فالقلب هو سر المعصية، فالمعصية لا تبدأ من الجوارح، ولكن تبدأ لما يتسلل إلى القلب، ويحض عليه، لذلك أثر المعصية يظهر أول ما يظهر على القلب، لأنه هو الدافع إليها، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للسيئة لظلمة في القلب، وسوادًا في الوجه، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق.
وقال الحسن رحمه الله: إن العبد المؤمن ليعمل الذنب فلا يزال به كئيبًا.
صور من المعاصي القلبية:
وربما تندهش حينما يكون الحديث عن صور المعاصي القلبية وتتساءل كيف يعصي القلب؟، فلا يدور في تفكير الكثير من الناس إلا المعاصي الجسدية، ويغفلون عن ما هو أشد منها، وهي المعاصي القلبية.
ومن أخطر صور المعاصي القلبية التي تودي بأصحابها النار: "العُلو في الأرض بالفساد، والفخر، والخُيلاء، والحسد، والكبر، والرياء.
وهذه المعاصي القلبية: منها كفر، ومنها معاصٍ كبائر وصغائر.
يقول ابن القيم رحمه الله: معصية القلب نوعان: كفر ومعصية، فالكفر: كالشك والنفاق، والشرك، وتوابعها، والمعصية نوعان: كبائر، وصغائر، فالكبائر: كالرياء، والعجب، والكبر، والفخر، والخيلاء، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله، والفرح والسرور بأذى المسلمين، والشماتة بمصيبتهم، ومحبة أن تشيع الفاحشة فيهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، وتمنِّي زوال ذلك عنهم، وتوابع هذه الأمور، ومن الصغائر: شهوة المحرمات وتمنِّيها.
اظهار أخبار متعلقة
لا تغفل خطرها!
ومع خطورة معصية القلب بعض الناس يغفل خطر المعاصي القلبية، ما جعلهم يتهاونون في ارتكابها.
فعلى سبيل المثال الكبائر إما أن تكون ظاهرة - وهي التي تكون بالجسد - وإما أن تكون باطنة - وهي التي تُفعَل بالقلب.
يقول ابن القيم: والمحرمات التي عليه - يعني القلب - أشد تحريمًا من الزنا، وشرب الخمر وغيرهما من الكبائر الظاهرة.
آثار معاصي القلب:
من أثار معصية القلب أنها تمرض القلب، وهذا المرض يفسد به تصوُّره للحق وإرادته له، فلا يرى الحق حقًّا، أو يراه على خلاف ما هو عليه، أو ينقص إدراكه له، وتفسد به إرادته له، فيبغض الحق النافع، أو يحب الباطل الضارَّ، أو يجتمعان له وهو الغالب؛ ذكر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله.
سببًا في سوء الخاتمة؛ يقول الإمام ابن رجب رحمه الله: خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة لا يطَّلع عليها الناس.
الوقوع في الأمراض والأزمات النفسية، فما يعانيه كثير من الناس اليوم من قلق والآلام نفسية من أهم أسبابها الوقوع في المعاصي القلبية.
حرمان حلاوة الإيمان، ولذة الطاعة.
كيف تطهر قلبك؟
من أهم الأشياء التي نطهر بها قلوبنا هو قراءة القرآن الكريم بتدبر، و دوام ذكر الله عز وجل، والدعاء والتضرع بصلاح القلب وزكاته: فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسالك قلبًا سليمًا)؛ أخرجه أحمد.