يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، وهناك بعض الأسماء التي ترتبط ببعضها البعض كأن يقول المولى عز وجل (الرحمن الرحيم)، وهناك أيضًا (المحيي المميت)، وهما اسمان مرتبطان ببعضهما البعض وقد يحملان كل المعاني معًا.
قال تعالى: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» (الملك: 2)، إذ أن لله تسعة وتسعين اسمًا ، مئة الا واحد من أحصاها دخل الجنة.. ومن أحصاها يعني من تخلق بجمالها وتعلق بجلالها فكمُلت له الدائرة دخل بذلك الجنة، لأن من عرف ربه فقد عرف نفسه ومن عرف نفسه فقد عرف ربه.
الأسماء المزدوجة
واسما الله (المحيي المميت) لاشك بهما الكمال ، إذ أن كل الأسماء المزدوجة تدل على كماله ، الأول والآخر ، الظاهر والباطن ، المعز المذل ، النافع والضار ، أسماء مزدوجة بمعنى أن له الكمال ، ومن ثمّ لا يجوز أن نقول (يا ضار يا ضار يا ضار)، لأنه أرحم في ضرره بك منك ، وإذا ما أَنزل بك محنة ففيها مِنحة ، فيُحيي هذا ويميت هذا للعبرة والعظة والرجوع بنا جميعا إلى أوامره ونواهيه، وإلى طاعته سبحانه و تعالى.
وقد تحدث كوارث حولنا -محنة لكنها منحة- فيها موتى لكن ينطلق من بعدها ومنها حياة ، فهو الذي يميت لكنه هو الذي يُحيي أيضًا ، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي حتى تستمر الحياة فهو سبحانه وتعالى ليس ذلك الغاضب وليس هذا المُعادي المُصادم لحبيبه الإنسان ، فالإنسان صنعته وهو يحبه ولذلك واجهه باسم الله الرحمن الرحيم يعني يُهدِّأ بالنا، بإسم الله الرحمن المنتقم كان يجوز لكنه لم يفعل وقال باسم الله الرحمن الرحيم يعني الذي يخاطبكم قد سبقت رحمته غضبه وسبقت حكمته إرادته ، ولذلك إذا أراد بنا سوءًا فنزلت بنا محنة يجعل فيها منحة ، وإذا نزلت بنا شدة يجعل فيها فرجًا «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا».
اقرأ أيضا:
رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟مصيبة الموت
نعم الموت مصيبة ولكن فيه حياة.. تخيل لو أن الأرض جميعًا لم يقدر الله لها الموت ما كانت تسعنا.. فالموت وإن كان مصيبة وفيه فراق فإننا لا نقول ما يغضب الله سبحانه وتعالى ، وكذلك الحياة يجب أن نتخدها ونرى فيها تشريفا و تكليفا، كل هذا نعيشه في معنى (المحيي المميت).. نعيش فيه الجمال والجلال والكمال والتخلق والصبر والاستمرار في الحياة، كما نعيش فيه مقابلة ما في الدهر من شدائد في صبر وحلاوة وجمال.
ومن العلماء من عرف اسم الله المحيي بأنه: الذي يحيي النطفة الميتة فيخرج منها النسمة الحية، ويحيي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث، ويحيي القلوب بنور المعرفة، ويحيي الأرض بعد موتها بإنزال الغيث وإنبات الرزق… وعرفوا اسم الله المميت بأنه: الذي يميت الأحياء، وينهي بالموت حياة الأحياء، وقد مدح الله تعالى نفسه بالإماتة كما مدحها بالإحياء، فقال عز من قائل: «وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ» (المؤمنون: 80).