التوسل من الأمور التي يحسبها كثير من الناس نزولاً على كرامته، وحطًا من منزلته بين الناس، إلا أنه ما لا يعرفه كثير من الناس أن التوسل ينقسم الى قسمين، الأول (مشروع)، والثاني (ممنوع).. فأما المشروع فينقسم إلى ثلاث (التوسل بأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته)، كأن يقول العبد (يا رحمن يا رحيم ارحمني) أو (يا شافي اشفني)، أو (يا رزاق ارزقني).
والثاني التوسل بالأعمال الصالحة، كأن يقول العبد: (اللهم قد تصدقت يومًا كذا من المال في سبيلك فأقضي حاجتي)، أو (اللهم في يوم كذا ساعدت أخًا مسلمًا أو اختًا مسلمة في سبيلك وابتغاء وجهك الكريم فأقضي حاجتي)، أو (اللهم قد صليت ذات يوم شديد البرودة او شديد الحرارة أو أقمت الليل في سبيلك فأقضي حاجتي).
أما التوسل الثالث فيكون بالحي الحاضر مـن الصالحين كأن تقول له (ادع الله لي)، كأنك -مثلا- علمت أن شخصًا ما متدين وملتزم ورجلً صالح فتذهب إليه وتسأله أن يدعو لك بالتوفيق أو الشفاء فيدعو لك ويقول (اللهم وفقهُ اللهم اشفي وإلخ).
التوسل غير المشروع
أما التوسل غير المشروع في الدين، فهو أن يلجأ أحدهم إلى ضريح ما ويطلب منه (مباشرةً) الشفاء أو الرزق أو غيرها من الأمور، وهي من الأمور التي نهى عنها الشرع تمامًا، ذلك أن صاحب الضريح لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا فكيف به يغيث سائلا، أو يشفي مريضًا.. الأمر جلل ويحتاج لوقفة كبيرة.
فالتوسل بالأضرحة يراد به معنيان: الأول: دعاء أصحابها والاستغاثة بهم في الشدائد، والفزع إليهم في النوائب، وغير ذلك من ألوان العبادات، كالطواف والنذر والذبح لها، وهذا من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام، وذلك لما فيه من عبادة غير الله تعالى.
والثاني: دعاء الله بجاه أصحابها، كأن يقول: اللهم اغفر لي بجاه فلان، أو بحق فلان، وهذا توسل بدعي، لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم.
اقرأ أيضا:
رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟التوسل إلى الله
عزيزي المسلم، لا تتردد في التوسل إلى الله أينما كنت وبأي شكل، ذلك أن التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أو توسل الإنسان بعمله الصالح، أو بدعاء الرجل الحي الصالح، هو التوسل المشروع، وليس بالتوسل إلى الأضرحة والموتى.
وقد أخرج الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ادع الله أن يعافيني . فقال صلى الله عليه وسلم : (إن شئت دعوت لك ، وإن شئت أخّرتُ ذاك ، فهو خير لك. [وفي رواية : (وإن شئتَ صبرتَ فهو خير لك)] ، فقال : ادعهُ. فأمره أن يتوضأ ، فيحسن وضوءه ، فيصلي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك ، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، يا محمد إني توجهتُ بك إلى ربي في حاجتي هذه ، فتقضى لي ، اللهم فشفّعه فيَّ وشفّعني فيه) . قال : ففعل الرجل فبرأ .