ينتشر بين العامة أن في القبر ثعبانً ضخمًا سيستقبل العصاة ويلتهمهم، وهناك من يضع تصور لشكل هذا الثعبان، بأنه سيكون أقرعًا، وله أسنان لا مثيل لها، ويلتف حول الميت ويلقنه عذابًا لا يمكن وصفه، فما حقيقة هذه الأمور؟.. بدايةً لاشك أن عذاب القبر ونعيمه ثابت بالكتاب والسنة المتواترة.

عن سيدنا أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان، فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ -لمحمد- فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما، ويفسح له في قبره سبعون ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون. وأما الكافر أو المنافق فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه».

اقرأ أيضا:

رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟

خرافات لا أصل لها

أما فيما يخص الثعبان الأقرع، فهو أمر عند بعض العلماء من الخرافات المتعلقة بعذاب القبر، وليس له أي وجود على الإطلاق، إذ لم يثبت أي شيء عنه في السنة النبوية المطهرة.

وقد روى الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، بسند حسن أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر: النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل، فيقول: ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال: نم. فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم . فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت مثله ، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذباً، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك».

الشجاع الأقرع

في المقابل، هناك نصوص قرآنية ربطها بعض العلماء بالشجاع الأقرع (أي الثعبان الأقرع) وهو خاص بمن يمنع زكاة ماله.

فقد روى البيهقي في السنن الكبرى حديث: عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه- ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتاهم اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان الآية 180)».