عزيزي الشاب.. ماذا لو دعتك يومًا امرأة ذات منصب وجمال.. ماذا أنت فاعل؟.. هنا يتلألأ حديث النفس، فترى البعض يتمنى لو أن هذا يحدث يومًا، ليفعل الأفاعيل، بينما آخرون قد يتنمون لو كانوا كنبي الله يوسف عليه السلام من أن يرون حينها نور ربهم يدفع عنهم هذا الأمر، قال تعالى يبين ذلك: «وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» (يوسف 23).
لكن نبي الله يوسف لم يخضع لها، وإنما استعان بالله، قال تعالى: «وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ» (يوسف 24)، إذن نياتك وأفعالك السابقة قد يكونوا إما سببًا لوقوعك في هذا الذنب العظيم، أو نجاتك منه كما نجا الله عز وجل نبيه يوسف عليه السلام لأنه كان من الصالحين.
أبوبكر المسكي
ويروي الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتاب "المواعظ والمجالس"، قصة رجل يدعى (أبو بكر المسكي)، بأنه منذ نحو ألف عام كان هذا الرجل بائعًا متجولا للقماش في دمشق، فنادته امرأة إلي بيتها للشراء وقامت بإغلاق الباب وعرضت عليه الفاحشة، وإلا ستفضحه، فنصحها وذّكرها بالله وبعذاب الآخرة، لكنها لم تأبه لكلامه وصممت على طلبها فطلب منها دخول الخلاء وقام بأخذ الغائط ووضعه على ثيابه وجسده، وبعد لحظات خرج لها فابتعدت عنه وقامت بطرده بسرعه فأخذ بضاعته، وفي طريقه إلى بيته كان الأطفال في الشوارع يصيحون ويسخرون منه ويجرون وراءه إلى أن وصل بيته وقام بالاغتسال، وبعدها ذهب إلى فراشه ليريح جسده وراح في نومه فجاءه منادي المولي سبحانه وتعالي في منامه فقال له حملت نفسك وفعلت هذا لترضينا يا أبا بكر لنرضينك إلى أن تلقانا، فقام من نومه فحمد الله على ما رأي فإذا به يشم رائحة جميلة ولم يعرف مصدرها فأخذ بضاعته وخرج ليتاجر وإذ بكل من يقابله أو يقترب منه ويشم رائحته يبتسم وينظر إليه ما هذه الرائحة يا أبا بكر فعلم أنها مكافأة من عند الله فسجد لله شكرًا.. وكانت رائحة المسك تفوح منه أينما ذهب ولقبه الناس بأبا بكر المسكي إلى أن توفاه الله وكانت رائحة المسك أيضًا تفوح منه وهو يُغسل.. فسبحان من بيده كل شئ (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
اقرأ أيضا:
رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟أخطر الفتن
فإياك أن تقلل من فتنة النساء، فإنها لاشك أخطر الفتن على الإطلاق، ومن ثمّ فإن النجاة منها نجاة من النار ذاتها، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما تركت بعدي فتنة أضرعلى الرجال من النساء»، لذلك فقد جعل الله جزاء العفة والصبر عليها الجنة كما في صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين رجليه وما بين لحييه ضمنت له الجنة»، أي من حفظ فرجه وحفظ لسانه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كفيل له بالجنة بإذن الله جل وعلا، وليعلم الجميع أن هذا الرجل من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، (رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، دعته إلى الفاحشة، فقال: إني أخاف الله)، خصوصًا أن ذات المنصب والجمال كثيرًا ما يسعى الرجال إلى استرضائها.