يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).
ومن أبرز هذه الأسماء، اسم الله تعالى (الواجد)، والواجد في أسماء الله ، يعني أنه سبحانه وتعالى هو الغني الغنى الكامل المطلق ، الذي لا فقر بعده، وفي ذلك يقول الإمام ابن الأثير رحمه الله: «فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى الْوَاجِدُ هُوَ الغَنيُّ الَّذِي لَا يَفْتَقِر. وَقَدْ وَجَدَ يَجِدُ جِدَةً: أَيِ اسْتَغْنَى غَنىً لَا فقْر بَعْدَه»، فالواجد هو الذي يوجد الأشياء قبل وجودها، وهو الذي يقهر الأشياء مهما كانت، وكأن هذا الاسم يجمع بين القدرة والقوة والإبداع وتمام الخلق، وأيضًا الإعجاز في الخلق.
وجود الأشياء
واسم الله الواجد، معناه أن الله سبحانه وتعالى قادر على وجود الأشياء وعلى إيجاد الأشياء والقادر على الوجود والإيجاد قادر على الإفناء، ولذلك فله العزة سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد ، وعندما تُدخل الألف واللام على اسم الفاعل هكذا فكأنها تشير إلى مطلق تلك الصفة عند الله وهناك فارق بين المخلوق والخالق.
والله سبحانه وتعالى عندما اختار لنا لغتنا واختار لنا دلالة الألفاظ فيها على معانيها واختار لنا أيضًا هذه التعريفات التي تدل على الإطلاق و الواحدية أن الله وحده هو الذي له الوجود وهو الذي له الإيجاد المطلق جعل لنا شيء من الخلق ومن الصنعة ومن الإيجاد ومن الوجود فترانا نعلم ونتعلم ونصنع.. فقد يصنع الإنسان لكنه يصنع دائمًا من مادة مخلوقة بالأساس، أوجدها الواجد الصانع القادر سبحانه وتعالى، والموجود خلاف المعدوم، هناك المعدوم، وهناك الموجود.. فربنا سبحانه وتعالى واجب الوجود وما سوى الله عز وجل ممكن الوجود أي سبقه عدم وسينتهي إلى عدم، فالله سبحانه وتعالى هو الأزلي الأبدي، هو القديم الباقي، هو الذي لا شيء قبله، ولا شيء بعده.
اقرأ أيضا:
رحمة الله سبقت غضبه .. ما معنى هذا؟الأحق بالعبادة
فالله سبحانه وتعالى هو الواجد الذي يستحق منا للعبادة ، ويستحق منا للحب ، ويستحق منا للدعاء والطلب ، فنحن نطلب منه سبحانه وتعالى أن يوجد في قلوبنا الإيمان وأن يوجد في قلوبنا النور ، وأن يوجد في قلوبنا الرأفة والرحمة وأن يوجد في عقولنا البيان والوضوح وأن يوجد في نفوسنا القدرة على الصبر وقد نزل بنا البلاء.
ومن ثمّ فإنه ما سوى الله عز وجل معدومًا أي سبقه عدم وسينتهي إلى عدم في الدنيا، أما النفس البشرية سبقها عدم وسوف تبقى إلى أبد الآبدين في جنة ربها أو في النار، في الآخرة.. والواجد هو الغني الذي لا يفتقر، والواجد هو الذي لا يضل عنه شيء، فأحيانًا الإنسان لضعفه يقول: بحثت عنه كثيرًا فلم أجده، أي احترت في أمري فأين أجده، فاته الشيء غاب عنه، لكن الله سبحانه وتعالى هو الواجد الذي لا يضل عنه شيء، ولا يفوته شيء.