مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك.
أقدر مشاعرك وأتفهم وضعك تمامًا.
لاشك أن وضع أكثر المطلقات سيء، فهن إما لا يجدن دعمًا بالمرة، أو يجدنه مشروطًا، ومؤذيًا.
ما تطلبينه مشروع، وبديهي، ولكن مع جهل أغلب الأسر التربوي والنفسي لا يبدو مشروعًا ولا بديهيًا!
من المؤسف أن المرأة في مجتمعاتنا تعتبر "ملكية خاصة"، تنتقل للزوج فتصبح هكذا، ثم لو طلقت لابد أن تعود الملكية الخاصة للأهل، وفيما ندر يتعامل الأهل برقي، ونباهة، واحترام، وتقدير، واحتواء، وحنان، ورحمة، مع المطلقة خاصة لو كانت أمًا، وعاملة، ولها وضع وكيان تم بناؤه ولا يعني كونها أصبحت مطلقة هدم هذا كله.
أتفهم تمامًا حقك في "بيت خاص"، و"حياة خاصة"، و"تربية خاصة"، أتفهم تمامًا حقك في الخصوصية، والاستقلالية ماديًا ومعنويًا، تلك الاستقلالية التي يفهمها الكثير من الأهل، سواء كانوا والدين أو إخوة أو أعمام، أو أخوال، خطأً، فهي تعني لديهم "الاستغناء"، ويبتزون بسببها، فمادمت تريدين الاستقلالية-وهي حقك- فأنت تريدين الاستغناء وسنتركك في مهب كل الرياح، وإلا لا تستقلي وابق ملكية خاصة، وسنساعدك!
أتفهم هذه المساومات الخفية والمعلنة، والابتزاز العاطفي الخفي والمعلن، أتفهم تمامًا ما تعانين منه في علاقتك مع اخواتك ووالديك، ما دمنا نساعد فأنت وأولادك "ملكية خاصة"، وعليك دفع الثمن!
يعلمنا علم النفس الإيجابي أن الإنسان لديه احتياج للشعور بحرية اتخاذه لقراراته، وتحمل مسئولياته، وأن هذا معيار من معايير جودة الحياة، ومن ثم هذه المعايير ضربت في مقتل بإقامتك لدى أهلك بعد الطلاق، فهي بلاشك عملية سحب لمساحات حرية مهمة، هي حقك، وتحتاجينها للشعور بقيمة وجودك، ولاشك أن تدخل الأهل سواء كان عن قرب أو بعد هو تهديد لهذه القيمة لدى نفسك وأولادك.
جربي النقاش والحوار الهاديء مع اخوتك، الذي من الممكن أن يفهموا من خلاله أن الاستقلال لا يعني الاستغناء، والرعاية لا تعني التربية، وأن الاحترام لابد أن يكون متبادل، فالأم تبقى أم والخالة تبقى خالة، لكل مهام، ومساحة، ودور، وفضل.
عزيزتي، مهما تكن نتيجة الحوار مع اخوتك، سلبًا أوايجابًا، من المهم أن ترعي نفسك نفسيًا بتواصل مع داعم نفسي متخصص، هذا مهم وليس رفاهية، أنت بحاجة لرفقة متخصصة حتى يمكنك الصمود فلازالت أمامك رحلة طويلة من العمل، والإعالة، والتربية، والرعاية.
عزيزتي، لابد أن يكون لديك في كل شيء "الخطة ب"، جهزي نفسك إن عاجلًا أو آجلًا لطلب مساعدة خارجية آمنة لرعاية أطفالك إذا زاد ضغط اخوتك النفسي عليك بسبب مساعدتهم لك في الرعاية، واستمرار الابتزاز، والمساومة، والمعارك النفسية الخفية والمعلنة، وهذا يوجب عليك توسيع دوائر علاقاتك الآمنة، وأكرر "الآمنة"، أحيطي نفسك بعلاقات آمنة.
حاولي التعرف على احتياجات اخوتك، ودوافعهم للتدخل بشكل يضايقك هكذا ويؤذيك في تربية أولادك، ولا تنسي نفسك وأولادك في هذه الرحى الدائرة.
حاولي تحسين أوضاع عملك بما يجعلك تجلسين معظم الوقت لرعاية أولادك، ومن ثم تحجمي من قدر الوقت الذي تقضيه اخواتك في رعاية أولادك والسيطرة عليهم بما يلغي دورك ومكانتك كأم.
وأخيرًا تعلمي أمرين مهمين للغاية مهما يكن الثمن الذي ستدفعيه في المقابل وهو، قول "لا" و"طلب احتياجاتك"!
معظم الأسر بكل أسف لم تربي على هذين، أن نقول "لا" لما ومن يؤذينا، ونطلب احتياجاتنا النفسية والمادية من أهلنا إذا قصروا في اشباعها بقصد أو بدون قصد.
اطلبي مساعدة والدك، والدتك، ماديًا إذا وجدت أن تقليص ساعات العمل لرعاية الأولاد، سيؤثر على دخلك، فأنت تحتاجين بالفعل للمساعدة، فاطلبيها وليفعل كل وفق استطاعته، فيساعدك الجميع، والدك، والدتك، اخوتك، وفق استطاعتهم ، أن تطلبي وأن يفعلوا، وبالقابل قدمي أنت لهم أيضصا المساعدة التي يحتاجونها وتستطيعينها.
فكري فيما سبق، وجربي التنفيذ، وتذكري أن من يمكنه تقديم المساعدة لركاب طائرة لابد أن يرتدي هو أولًا قناع الأوكسجين!
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.