يتصور البعض عند الأخذ برأي أحد أصحاب المذاهب في الإسلام أن ذلك يعني عدم الاهتمام بالكلية بآراء الآخرين، وهو أمر لا يصح أبدًا، ذلك أن اختلافهم في النهاية رحمة لنا، ولكن ليس الاختلاف معناه الخروج من الملة، أو اتباع مذهب يعني البعد عن الآخر، فجميع الأئمة الأربعة (الشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي).
فالأول ينسب إلى الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ، وهو ثالث الأمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، والثاني إلى أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك، ثاني الأئمة الأربعة، والثالث إلى الإمام الأعظم، فقيه العراق، فقيه الملة، وعالم الأمة، وإمام الأئمة الفقهاء حمَّاد بن أبي حنيفة، والرابع إلى الإمام أحمد بن حنبل ; الإمام المبجَّل، شيخ الإسلام، إمام أهل السنة والجماعة، وجميعهم عدول لا خلاف في ذلك نهائيًا.
اجتهادات نافعة
إذن كل المذاهب الفقهية على خير، وكلهم من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتبس، ولقد مر الفقه الإسلامي بعدة مراحل وأدوار، كان منها دور ظهور المذاهب الفقهية وذلك في أوائل القرن الثاني الهجري ، وفي هذا الدور ظهر نوابغ الفقهاء . فالمجتهدون العظام ظهروا في هذا الدور وأسسوا مذاهبهم الفقهية، واشتهر منها المذاهب الأربعة المنسوبة لأئمة عظام كان لهم بالغ الأثر في ازدهار الفقه ونمائه وتقدمه ، وقد أسسوا مدارس فقهية انضوى تحت لوائها فقهاء كبار.
وهذه المذاهب الأربعة ليست تجزئة للإسلام ولا إحداث تشريع جديد ، وإنما هي مناهج لفهم الشريعة، وأساليب في تفسير نصوصها، وطرق في استنباط الأحكام من مصادرها (الكتاب والسنة والإجماع والقياس).
اقرأ أيضا:
هؤلاء اشتروا آخرتهم بدنياهم فكسبوا الدنيا والآخرة.. التجارة مع الله لا تخسر أبدًا هذه فضائلهامواجهة البدع
و الهدف الرئيسي من المذاهب الأربعة هو مواجهة ومحاربة البدع والفرق الضالة، وتبيان صحيح الإسلام من خلال مصادره الرئيسية التي لا خلاف عليها (القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس)، فالمذاهب الأربعة المشهورة هي محصلة آراء واجتهادات الأئمة (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد).
وهؤلاء الأئمة من أعلام أهل السنة والجماعة، ووجودهم امتداد لما كان عليه الصحابة من الاجتهاد في العلم والتدريس له، وقد كان بين الصحابة مجتهدون وعلماء، وكان بينهم من الخلاف في مسائل الاجتهاد كما بيّن أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
والأئمة الأربعة المذكورون لم يلزموا غيرهم بتقليدهم في كل مسألة، وإنما ذكروا اختيارهم وترجيحهم، ودعوا الناس إلى الأخذ بالحق متى وجد في غير أقوالهم، وصدرت عنهم المقولة المشهورة: (إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا رأيتم قولاً للنبي صلى الله عليه وسلم يخالف قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط).