يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، ولعل من أبرز هذه الأسماء اسم الله تعالى (الوالي)، قال تعالى: «أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۖ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

فولاية الله تعالى لعباده هي قربه منهم، والتي تقضي بمعناها عمومًا العناية الإلهية وحسن التدبير الرباني، وتصريف الأمور ومقاديرها، ومعناها على وجه الخصوص محبة الله لعباده ورعايته، ذلك أن الله ولي المؤمنين لاشك، قال تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».

القريب

وكلمة (والي) أكثر في عدد الحروف من كلمة (وَلِي) والولي هو القريب، وبما أن (الوالي) فيها زيادة حروف والقاعدة تقول إن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، فمادام أن هناك ألف زائدة في والي فإنها تكون أكثر في معنى القرب والتأييد والتأكيد والمعاونة والمساعدة من الولي.

فالله سبحانه وتعالى ليس فقط قريبًا منهم يستجيب دعاءهم بل أنه أيضًا يوفقهم إلى ما يحب ويرضى، فإذا كان الولي معناها التوفيق فالوالي فيها معنى الدفاع ، هو فقط لا يخرجهم من الظلمات إلى النور، هو فقط لا يهديهم ، هو فقط لا يوفقهم بل إنه يدافع عنهم وفي الدفاع عن المؤمنين معنى النصرة، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ »، فهو سبحانه وتعالى ناصر ، وإن كان الناصر لم يرد صراحةً في الكتاب ولا في السنة إلا أن هذا هو معنى النصرة أنه ولي وأنه والي وأنه مولى سبحانه وتعالى.

اقرأ أيضا:

هؤلاء اشتروا آخرتهم بدنياهم فكسبوا الدنيا والآخرة.. التجارة مع الله لا تخسر أبدًا هذه فضائلها

المولى

يرتبط اسم الله الوالي بالاسمين الوليّ والمولى، قال تعالى: «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ»، أما الوليّ على وجه العموم فهو تدبير الأمور من خالقها للناس كافة، قال تعالى: «ثمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبين».

لذلك حينما نقول قال المولى سبحانه وتعالى لأننا نواليه وهو أيضًا يوالينا سبحانه وتعالى لذلك يطلق عليه اسم الفاعل من جهته لنا ويطلق عليه اسم المفعول من جهتنا له سبحانه وتعالى فهو الذي يستحق منا التأييد والنصرة.. (إن تنصروا الله) أي في أنفسكم ، وفي حياتكم ، وفي مجتمعاتكم ، وفي طريقة تفكيركم، فتكون طريقة مستنيرة لا تقف عند الظاهر ولا تتعمق فتأخذ من هذا العمق ما يزيدها طغيانا وكفرًا بل يزيدها إيمانا وتقوى ، ويزيدها اصلاحًا وخيرًا ، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ، ليس هذا فقط بل أنه يأخذ هذا العُمق إلى الاستنارة التي تؤمن بالله فيكون الطب لدى الطبيب محراب الإيمان.