يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (االأعراف 180).
ومن أبرز هذه الأسماء، اسم الله تعالى (المتعال)، وقد ورد في القرآن الكريم في موضع واحد بسورة الرعد، وهو قوله تعالى: « عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ »، والمتعال هو العلي ، وهو الأعلى ، وهو المتعال، لأنه سبحانه وتعالى إله مفارق للأكوان وهذه حقيقة إسلامية تبين لنا صفة مهمة من صفات الأوهية وهو أن الله سبحانه وتعالى متعال عن هذه الأكوان، إذ لا تستطيع هذه الأكوان أن تحتويه ، فهو الذي يحيط بالكون والكون لا يحيط به وهو الذي لا يستطيع أحد أن يتحد معه.
لن تراه
أيضًا لا يستطيع أحد أن يرى الله عز وجل بمقلتي عينه ، فهو سبحانه وتعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وسبحانه وتعالى متعال ، يتعالى على هذا الكون بمعنى أنه مفارق له فالرب رب والعبد عبد وهناك فارق بين المخلوق والخالق.
ولذلك ترى المسلمين لا يقولون بالاتحاد ووحدة الوجود كما قالت بعض الفلاسفة إن الله قد حل في هذا الكون أو أن الله سبحانه وتعالى قد حل في إنسان أو أن الله سبحانه وتعالى اتصل بشيء ما.. فالله متعال هذه هي عقيدة المسلمين ولذلك فهو بعيد عن التغير خارج عن الزمان.. فنصفه تعالى في علو شأنه بأنه الأعلى، وبأنه العلي، وبأنه المتعال ، على ماذا تعالى؟ تعالى على الزمان ، تعالى على المكان ، تعالى على الأشخاص ، تعالى على الأحوال ، فالله سبحانه وتعالى لا تعتريه الاحوال بل هو سبحانه وتعالى متفرد في جماله وجلاله.
الكبير المتعال
وقد ورد أيضًا في السنة المطهرة بسند صحيح عند الإمام أحمد، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: « قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾.. قرأ هذه الآية وهو على المنبر، فقال: ﴿ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ ( سورة الزمر ).. فقال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله جلا وعلا: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا المتعال ـ يمجد نفسه ـ قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرددها حتى رجف به المنبر، حتى ظننا أنه سيخر به».
فهو الله المتعال على كل شيء أي قد أحاط بكل شيء علمًا، وقدرةً، وقهرًا، وخضعت له الرقاب في كل شيء، ودان له العباد طوعًا وكرهًا، و"المتعال" الكبير، فكل شيء تحت قهره، وسلطانه وعظمته، ولا إله إلا هو ولا رب سواه، لأنه العظيم، وليس هناك من هو أعظم منه.
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاء