محاسبة النفس يعني القيام بتصفية وتنقية النفس البشرية من ذنوبها ومعاصيها، حيث إنه لابد للشخص العاقل أن يقوم بتخصيص وقتاً يومياً يقوم به بالاختلاء بنفسه ليحاسبها عما قدمت في ذلك اليوم من أعمال أو من ذنوب، فمن المعروف أن إهمال الإنسان لمتابعة أعماله ولحساب نفسه سيؤدي به إلى التمادي في الذنوب والآثام،
ولعل قول الله عز وجل من أبرز الدلائل على ضرورة قيام الإنسان بمحاسبة نفسه ومراقبتها، وذلك في محكم آياته" بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرة"، فلو استطاع أن يكون بصيراً على نفسه محاسباً لها قبل أن يحاسب يوم القيامة لنجا واستطاع الفوز برضوان الله
وبحسب جمهور الفقهاء فإن محاسبة النفس تدور في فلك الأية الكريمة "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"، وكذلك يقول رسول الله ﷺ : "يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ القَذَاةَ في عَيْنِ أَخِيهِ، ويَنْسَى الجِذْعَ في عَيْنِهِ" ! فلابد علي الإنسان أن يبدأ بنفسه في المحاسبة ويُدينها... والنبي ﷺ في أمر التغيير يقول: "وابْدَأْ بمنْ تَعُولُ" ابدأ بمن عندك المسئولية عليهم،
لكن وبحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فإن كثيرا من الناس يرى القذاة في عين أخيه ويدَع جذع النخلة في عينه..! وهذه مصيبة كبرى وبَلية سيحاسب عليها الإنسان في الدنيا والآخرة، ويقول رسول الله ﷺ : "من عَيَّرَ أخاه بذنب لم يمُت حتى يعمله" هو أمرنا بالستر فقال: "ويلك يا هزال لو كنت سترته بثوبك، كان خيرًا لك"
وبحسب الدكتور جمعة فإذا تكبر الإنسان على أخيه بذنب ارتكبه فإن الله لا يميته حتى يرتكبه..؛ فاللهم سَلِّمْ سَلِّمْ.. فإذا رأيتم هذا في الناس فقل الحمد لله - بينك وبين نفسك وليس في وجه أخيك- الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من عباده, فإن كثيرا من عباده قد ابتلي حتى إنه لا يستطيع أن يعود إلى الله " وَاعْلَمُوا أَن اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ".
ومن ثم فمحاسبة النفس لها العديد من الفوائد حيث تساعد على الإنابة, والإنابة تطبيق للتوبة.. فإذا كانت التوبة نظر فالإنابة عمل.. وإذا كانت التوبة علم فالإنابة فعل " مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ "والتقوى: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل .. والتقوى في الواقع: أن تُخلي الذنوب كبيرها وصغيرها.
ومن ثم فلا يجب علي ان المؤمن أن تحقرنّ الصغيرةً لاسيما إنّ الجِبالَ تولد مِن الحَصَى فالإنسان يستهين بصغيرة وصغيرة وصغيرةٍ وهو لا يعلم .."إنَّ العبدَ ليتكلمُ بالكلمة من رِضوانِ اللهِ لا يُلقي لها بالاً يرفَعُه اللهُ بها درجات، وإن العبدَ ليتكلمَ بالكلمة من سَخَط اللّه لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"
ومن ثم فإن فوائد محاسبة النفس العديدة تبدأ بالاطِّلاع على عيوبها ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته بل أن المحاسبة دليل على الخوف من الله والاستعداد للقائه ناهيك عن أنها تبين للمؤمن حقيقة الربح والخسران
اقرأ أيضا:
العمل في الدنيا 4 أنواع بحسب نيتك ..اعرف مدى إخلاصك حتى يرضى عنك ربكومن الثابت بحسب إجماع الفقهاء فإن محاسبة النفس في الدنيا تريح المؤمن يوم القيامة ففيها امتثال لأمر الله تعالى تبعد عن الغفلة، والاستمرار في المعاصي، والذنوب
بل أنها تعين المؤمن، وتساعده في استدراك ما نقص من الفرائض، والنوافل فضلا عن انها تثمر محبة الله ورضوانه