ورد سؤال إلى الأزهر الشريف يقول: " تزوجت امرأة مسلمة تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، من رجل غير مسلم، لأنها كانت تجهل أحكام الإسلام، فهل زواجها زنا؟ وماذا تفعل في ابنها الذي أنجبته من زواجها هذا؟.
وأجاب الأزهر الشريف على بوابته الإلكترونية الرسمية، قائلا: "عظَّم الإسلامُ قِيمَ الرَّحمة والتَّعايش والتَّسامح مع جميع النَّاس، وأمر بها أتباعه. ودعا الإسلام الحنيف إلى البرِّ والإحسان في معاملة غير المسلمين، وأجاز البيع والشراء وكافة المعاملات معهم؛ إذا لم تشتمل على مُحرَّم أو معصية في الشَّريعة الإسلامية، وانضبطت بضوابطها التي تحفظ الأموال والقِيَم كافَّة.
وعَقْد الزواج في الإسلام عَقْد شرعيّ، قوامه الدِّين والمودَّة والرَّحمة، وتوثيقه المدنيّ يحفظ الحُقوق لأصحابها.
اقرأ أيضا:
هل يجب الصلاة على النبي كلما ذكر اسمه؟وحرَّم الإسلام زواج المُسلِمة من غير المُسلم مُطلقًا بإجماع فقهاء المسلمين في سائر العصور؛ لما استندوا إليه من الأدلة، ومن المعلوم أن المسائل التي انعقد إجماع أهل الاجتهاد على حكم فيها؛ لا تكون محلًا للاجتهاد أصلًا، حتى ممن لهم القدرة على الاجتهاد، فضلًا عن فاقدي أهلية الاجتهاد.
وتحريم شريعتنا لزواج المسلمة من غير المسلم يحقق مصلحة الأسرة، ويدعم استقرارها، فزواج المسلمة من غير المسلم لا يُتَوقع منه دوام العِشرة بين الزَّوجين، وهو ما يظهر من خلال بيان حِكمة إباحة زواج المُسلم من الكتابية مع عدم مشروعية العكس، وهذه الحِكمة يمكن تلخيصها في الآتي:
(1) أن المُسلم يؤمن بجميع الأنبياء ويُعظِّمهم، ويُعظِّم الكتب التي جاءوا بها من عند الله سُبحانه؛ بل لا يتم إيمانه إلا بهذا؛ وذلك لقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. [البقرة: 136] .
(2) المُسلم مأمور بتمكين زوجته الكتابيَّة من إقامة شعائر دينها، والذهاب إلى دار عبادتها، ومُحرَّم عليه إهانة مُقدَّساتها.
(3) المُسلم مأمور شرعًا بحُسْن عِشرة زوجته، سواء أكانت مُسلمة أم كِتابيَّة، والمودّة والرّحمة والسَّكينة بهذا مرجوَّة في أسرة المُسلم والكتابيَّة.
(4) غير المُسلم لا يؤمن بالإسلام ولا نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا تُلزِمه شريعته بتمكين المُسلمة من أداء شعائر دينها، أو احترام مُقدَّساتها، الأمر الذي يُؤثر -ولا شك- على المَودَّة بينهما، وأداء حقوق بعضهما إلى بعض.
و التَّسليم والانقياد هما أساسا استقبال المُسلم لما جاءه من وَحْي الله سُبحانه، مع إعمال الفهم في حِكَم الشَّرع الشَّريف، والإيمان أن في الاستجابة لأوامر الإسلام حياة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. [الأنفال: 24] وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.